انتزاعه عنه إذا لم يدخل ضررا عليه وإن أوجب تصرفا في ماله وأما إذا أوجب ورود ضرر عليه ولو بكسر قفله وتمزيق ثيابه فالظاهر أيضا جوازه لعدم وجوب تحمل الضرر على النفس لدفع الضرر على الغير وهو بأخذه مال المدعي قد أدخل الضرر على نفسه فتأمل وعلى فرض القول بعدم تقدم ضرر المدعى فيبنى المسألة على مسألة تعارض الضررين فيرجع بعد التساقط إلى عموم الناس مسلطون.
وإن لم يمكن رفع الامر إلى الحاكم أو أمكن مع العجز عن اثباته ففي جواز الانتزاع وجهان أوجههما الجواز والوجه فيه ظاهر هذا ثم إن الذي ذكرنا في الصورة وسابقتها انما فيما لم يثر الانتزاع فتنة بل كان موجبا لمجرد الضرر على الخصم وأما إذا أثار فتنة فالظاهر عدم جوازه سيما في الأولى بل له استنقاذ ماله خفية ولو استلزم ضررا على الخصم لان الامر بما يوجب الفتنة بين الناس لا يجوز على الشارع فتأمل هذا كله في صورة عدم كون انكار الخصم على وجه العناد.
وأما لو كان انكاره على وجه العناد باعتقاد المدعي ففي جواز انتزاعه منه في جميع الصور وإن استلزم ضررا بل وإن استلزم فتنة مع التمكن من رفع الامر إلى الحاكم واثبات الحق عنده وعدمه وجهان من أن إلزامه برفع يده عن المال حينئذ إلزام على طبق مقتضى تكليفه لفرض كون انكاره مبنيا على العناد فيدخل في باب الأمر بالمعروف الذي يجب على كل قادر وإن لزم ضرر على المأمور بل وأزيد منه فيصير كما لو اعترف بكونه مالا للمدعي ومن انه وإن كان انكاره على سبيل العناد واقعا وباعتقاده اعتقاد المدعى لكنه منكر صورة فيجب رفع أمره إلى الحاكم لو تمكن منه لأنه منصوب لرفع الخصومة سيما فيما أثار الانتزاع فتنة.
نعم لو لم يتمكن من رفع الامر إلى الحاكم أو تمكن مع عدم إمكان اثبات الحق عنده أو تمكن من ذلك مع لزوم تأخير يوجب ضررا على المدعي كفوت غرضه توجه القول بجواز انتزاعه منه ولو استلزم ضررا عليه بل لو استلزم فتنة في بعض الصور مع تأمل فيه وقد تبين مما ذكرنا أن الحكم في صورة انكار من في يده العين حسبما هو محل كلام القوم يختلف بحسب الصور وأما لو أقر بأنه مال المدعى أو كان كونه مالا له معلوما كما في الغاصب والسارق فحكمه موكول إلى محله والظاهر عدم الاشكال في جواز انتزاع المال عنه ولو استلزم فتنة ما لم تصل إلى أعلى مراتبها وكلمتهم على ذلك متفقة والأدلة الثلاثة أيضا تدل عليه هذا كله لو كانت الدعوى عينا.
وأما لو كانت دينا فإن كان من في ذمته المال مقرا باذلا فلا إشكال في عدم جواز تقاصه من ماله بل - الاجماع عليه لان للغريم التخيير في جهات القضاء والمراد بالبذل هي الفورية العرفية التي ذكروا انها واجبة على المدين بعد مطالبة الداين وهي تختلف بحسب المقامات فهو تخلف عنها فهو ممتنع عرفا هكذا ذكره الأستاذ العلامة.
ثم إن هنا إشكالا على عبارة المصنف أورده ثاني الشهيدين في المسالك وهي قوله فلا يتعين الحق في شئ آه من أنه لا مدخل للحاكم في ذلك أيضا لان الفرض كونه باذلا والحاكم إنما يلي على الممتنع ومن في معناه وأجاب عنه قدس سره في حاشيته منه بأن الوجه في ذكر هذا مناسبته واشتراكه مع الممتنع في أن ليس للغريم تعيينه أصلا كأنه قال ليس للغريم في هذه الصورة تعيين بل تعيينه للمقر الباذل كما أن في صورة امتناعه ليس له تعيينه بل تعيينه للحاكم انتهى كلامه وفيه تكلف ظاهر ويستفاد من كلام بعض مشايخنا جواب آخر وهو ان المراد الامتناع ليس هو الامتناع عن الأداء بل الامتناع عن تعيينه لمانع كحبس