وقد يتوهم ان المقام مما يعمل فيه بموازين القضاء من جهة كون كل منهما مدعيا ومنكرا لما يدعيه الأخر عليه ولكنك خبير بأنه ليس كما يتوهم لمنع كون كل منهما مدعيا ومنكرا لان الدعويين منهما بمنزلة الدعوى الواحدة لا مقابل لها بل كل منهما يتعلق أولا وبالذاب بالعين المقتضى للحكم بكونها لمدعيها وهذا مما لا سترة فيه أصلا هذا ولكن ذكر الأستاذ العلامة فيما سيجئ نقله ان صورة منه داخلة فيما يعمل فيه بموازين القضاء.
وأما الثاني وهو ما لو كان لكل منهما يد على العين فلا إشكال بل لا خلاف في أن الحكم التنصيف بينهما لو لم يكن هناك بينة بل الاجماع عليه محققا ومنقولا كما عن جماعة.
مضافا إلى دلالة بعض الأخبار عليه مثل ما في المرسل ان رجلين تنازعا في دابة ليس لأحدهما بينة فجعلها النبي (صلى الله عليه وآله) بينهما.
إنما الكلام في أن الحكم فيه بالتنصيف على خلاف القاعدة كما في القسم الأول أو على وفقها وجهان مبنيان على أن اليد من كل منهما هل هي كاشفة عن السلطنة على تمام العين وملكيته لكل منهما كما في صورة الانفراد فيكون من قبيل تعارض الأسباب الشرعية كما في الصورة السابقة أو كاشفة عن ملكية النصف والسلطنة عليه بمعنى ان يدهما بمنزلة اليد الواحدة والسلطنة الواحدة على التمام فلكل منهما يدنا قصة على التمام تكون امارة ودليلا على تملك النصف فكل منهما مدع بالنسبة إلى ما في يد الآخر ومنكر بالنسبة إلى ما في يده فيعمل بموازين القضاء ويكون مقتضاها مع حلف كل منهما وعدم البينة التنصيف ظاهر بعض مشايخنا الأول وظاهر المشهور الثاني وهو الوجه.
وتفصيل القول فيه انا ذكرنا غير مرة ان الأسباب الشرعية والامارات المعتبرة شرعا كالبينة والاقرار واليد واليمين إلى غير ذلك كلها أمور كانت معتبرة عند العرف من حيث كشفها عن مداليلها ظنا وظهورها فيها ولو نوعا وطبعا فاعتبرها الشارع أيضا بهذه الملاحظة ومعنى اعتباره امضائه ما عليه بناء العرف سوى القرعة حيث إن الوجه في اعتبارها هو التعبد لا الظهور والكشف النوعي وان احتملنا سابقا كون الوجه في اعتبارها هو ذلك أيضا فإذا كان الوجه في اعتبارها هو ذلك.
فنقول انا نمنع من كون اليد امارة عرفا على السلطنة المطلقة وتملك تمام العين في صورة الانضمام والاشتراك وإنما هي امارة على التملك في الجملة نعم هي امارة على السلطنة المطلقة بشرط التجرد فاليد بشرط شئ دليل عند العرف على تملك التمام لا لا بشرط.
وبعبارة أخرى اليد المجردة امارة على السلطنة المطلقة لا مجرد اليد وإنما هي امارة على السلطنة في الجملة فامارية اليد على تملك المجموع عند العرف انما هي من جهة تجردها وانفرادها ففي صورة الانضمام والاجتماع لا يكشف كل منهما إلا عن تملك النصف فلا تعارض بينهما بالنسبة إلى ما يقتضي كل منهما وهذه بخلاف سائر الأسباب كالبينة والدعوى المجردة والاقرار فإنها مقتضية حتى في صورة التعارض لتملك تمام العين وامارة عليه نوعا فيكون كل منهما مزاحما للآخر.
والسر فيه أن قول البينة هذا المال لزيد وقول المدعي هذا لي إنما يكون مدلولهما اللفظي كون تمام المال لزيد والمدعى وهذا بخلاف اليد فإنها ليست دالة على ذلك لعدم تعلقها بالتمام على وجه التمام والكمال لاستحالة ذلك وإنما هي متعلقة به على وجه النقص فتكون امارة على تملك النصف المشاع لا أن تكون متعلقة بالنصف المشاع لان تعلقها بذلك يستلزم تعلقها بالتمام كذلك وقد فرضنا استحالته من حيث إن لكل