الحرمة لعموم ما دل على حرمة التصرف في مال الغير من غير اذنه ورضاه من العقل والنقل والاجماع نعم لو قيل بكون المستند في جواز التصرف هو كونه تصديقا ليمين المنكر حسبما مال إليه الأستاذ العلامة لكان للقول بالجواز وجه فتدبر.
خامسها انه قد بقي هنا فرع تعرض له الأستاذ العلامة دام ظله في طي المسألة ولم أر أحدا تعرض له غيره لا بد من الإشارة إليه وهو انه لو أخذ المدعي مالا من المنكر إما بدون اذنه أو معه فتلف المال بيده فهل يحكم بتحقق التهاتر بين الذمتين أو لا يحكم به وجهان من كون التهاتر قهريا عقليا لا يؤثر فيه منع الشارع لان اشتغال ذمة الشخص لغيره بمثل ما اشتغل ذمته لها محال عقلا فالأخبار الواردة في عدم جواز التصرف في مال المنكر إنما يراد بها التصرفات الاختيارية وأما التصرفات الخارجة عن اختيار المدعي كالتهاتر في الفرض فليست بمرادة من الاخبار قطعا بل لا يعقل ارادتها لخروجها عن تحت القدرة ومن أن التهاتر وإن كان قهريا إلا أن منع - الشارع عن التصرف فيما يكون في ذمة المنكر يستلزم وجود منقصة فيه فيخرج عن المماثلة التي اقتضت التهاتر عقلا أوجههما عند شيخنا الأستاذ دام ظله الأول لما ذكر فتأمل.
ثم إنه قد ذكر دام إفادته انه لو قلنا بوقوع التهاتر في الفرض لكن نقول بوجوب رد العوض على المدعي وبنائه على عدم التهاتر واشتغال ذمته للمنكر لان التهاتر وإن كان قهريا إلا أنه لا يستحيل أن يحكم الشارع بعدم ترتب الأثر عليه وفرضه كأن لم يكن وبعدما لم يكن ذلك مستحيلا عقلا فنقول ان مقتضى الأخبار المتقدمة هو البناء على عدمه حيث إن المستفاد منها بمقتضى احترام اليمين هو عدم وصول مال من المنكر إلى المدعي لان المراد من تلك الأخبار ليس هو مجردا لحكم التكليفي بل المقصود منها بيان الحكم الوضعي أيضا فتأمل.
قوله أما لو كذب الحالف نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته أقول هذا الحكم مما لا إشكال فيه بل لا خلاف أجده فيه حسبما صرح به جمع بل عن محكي المهذب والصيمري الاجماع عليه مضافا إلى بعض الأخبار الواردة في المسألة إنما الاشكال فيما ذكره بعض مشايخنا طيب الله رمسه مستندا للحكم المذكور من قوله لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم جايز المقتضي كون ذلك سببا مثبتا جديدا للاستحقاق غير ما سقط باليمين المرجح على تلك النصوص بعد فرض تسليم اندراج الفرض فيها ضرورة كون التعارض بينهما عموما من وجه بما سمعت من - الاجماع المعتضد بنفي الخلاف وبخصوص المعتبر اني كنت استودعت رجلا مالا فجحد فيه فحلف لي ثم إنه جاء بعد ذلك بسنتين بالمال الذي كنت استودعته إياه فقال هذا مالك فخذه وهذه أربعة آلاف درهم ربحها في مالك فهي لك مع مالك فاجعلني في حل فأخذت المال منه وأبيت أن آخذ الربح منه وأوقفت المال الذي كنت استودعته حتى استطلع رأيك فما ترى قال فقال (عليه السلام) فخذ نصف الربح واعطه النصف وحلله ان هذا رجل تائب والله يحب التوابين وأخصية المورد يندفع بعدم القائل بالفرق انتهى ما أردنا ذكره من كلامه.
وفيه أولا ان بعد تسليم اندراج الفرض في النصوص المذكورة لا معنى لملاحظة التعارض بين عموم اقرار العقلاء وتلك النصوص وترجيحها بما ذكره قدس سره لان النسبة بينهما على هذا الفرض وإن كانت عموما من وجه إلا أن تلك النصوص على فرض جريانها حسبما هو المفروض حاكمة على العموم المذكور بل واردة عليه لا معارضة له حيث إن تلك النصوص ناطقة بعدم وجود أثر للمقر به ورافعة للأثر عنه والعموم المزبور انما يجري فيما لو ترتب على المقر به أثر شرعا كما لا يخفى فالاقرار بما لا أثر له شرعا لا يقتضي عموم المذكور