حاكم آخر بالحكم فلا يسمى طريقا لانهاء الحكم بل الظاهر من سيد مشايخنا في الرياض عدم الخلاف في عدم اعتبارها وإن كان لنا كلام فيه.
وكيف كان فالكلام يقع في أربعة مواضع إما الكتابة فالذي نقل الاجماع عليه جماعة ممن تقدم وتأخر منهم الشيخ في محكي الخلاف والفاضل في محكي القواعد والتحرير وابن إدريس في السرائر عدم اعتبارها حتى مع البينة على الكتابة حسبما هو قضية اطلاق كلام بعضهم وتصريح آخر واستدلوا عليه أيضا بخبري السكوني وطلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم انه كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حد ولا غيره حتى وليت بنو أمية فأجازوا بالبينات المشهورين - المستفيضين كما عن المختلف هذا.
ولكن الظاهر من أبي علي من أصحابنا الاعتبار بها مطلقا في حقوق الناس حسبما نسب إليه وتبعه بعض المتأخرين في هذا القول في الجملة والظاهر من الشيخ في المبسوط الاعتبار بها إذا شهدت البينة على انها كتابة القاضي وإن ما اتفقت الامامية عليه قبالا للعامة هي الكتابة المجردة عن البينة حيث قال فإذا ثبت حكمت (فكتب خ) قاض إلى قاض كتابا لم يجز ان يحكم بما فيه ولا يمضيه حتى يثبت عنده بالبينات انه كتاب فلان إليه سواء وصل مختوما أو غير مختوم وقال قوم إذا وصل مختوما حكم به وأمضاه فإذا ثبت انه لا يقبل ولا يعمل عليه إلا بالشهادة فالكلام في فصلين إلى آخر ما ذكره وأنت إذا أعطيت حق النظر في هذا الكلام وفيما لم نذكره مما قبله وبعده لم يدخلك شك في ظهور كلامه فيما استظهرناه عنه ويمكن أن يستظهر هذا القول أيضا من كلام كل من أطلق القول بعدم اعتبار الكتابة ثم علله باحتمال التشبه والتزوير نعم من أضاف إليه احتمال عدم القصد أو غيره من الاحتمالات في عدم اعتبار الكتابة كالشهيد في المسالك وغيره في غيره الظاهر منه عدم الفرق.
وكيف كان الحكم بعدم اعتبار الكتابة ولو بعد قيام البينة على انها كتابة القاضي وانها كتبها بمحضرها الظاهر أنه المشهور بين الأصحاب لما قد تقدم من الروايتين بل قد ادعى في السرائر في باب نوادر القضاء الاجماع عليه صريحا كما سيأتي نقله هذا ولكن قد يناقش في الروايتين سندا ودلالة.
أما السند فبضعفه بالسكوني وطلحة والأول عامي لم يصرح أحد بوثاقته والثاني أيضا فاسد المذهب لم يصرح أحد بمدح فيه قال في المسالك في مقام القدح في الروايتين بما هذا لفظه وعن الرواية بأمرين أحدهما ضعف سندها فإن طلحة بن زيد تبري والتبرية (والتبرة خ) فرقة من الزيدية وقال الشيخ في الفهرست والنجاشي انه عامي والسكوني أيضا عامي مشهور الحال مع أنه لم ينص أحد من الأصحاب فيهما على توثيق ولا مدح مضافا إلى فساد العقيدة فلا يعتد بروايتهما إلى أن قال وأجاب في المختلف عن ضعف الروايتين بأن الرواية من المشاهير فلا - يضرها الطعن في الراوي وهو يرجع إلى جبر الشهرة للضعف وقد تكلمنا عليه غير مرة انتهى كلامه.
وأما الدلالة فباحتمال أن يكون المراد منها انشاء الحكم بالكتابة لا الاخبار بها عن وقوعه وبكونها موهونة من جهة اعراض المشهور عنها حيث إن كلمتهم متفقة على وجوب اجازتها مع قيام البينة في الجملة إلى غير ذلك من الكلمات التي وقعت في البين لا يسع ذكرها هذا المضمار ومن أراد الاطلاع عليها فليطلبها من كتبهم.
أقول الظاهر أن الروايتين سالمتان عن المناقشة سندا ودلالة أما سند رواية السكوني فمن وجوه أحدها ما ذكره الشيخ في العدة حسبما حكاه الأستاذ من أن الطائفة قد عملت برواية السكوني