كشهادة الشاهد احتيجت إلى التعدد ضرورة انها حينئذ بمنزلة شهادة الفرع التي لا بد فيها من التعدد لأنها حينئذ شهادة وحيث يراد بها بيان المراد في غير ذلك كانت رواية ويكفي فيها الواحد انتهى ما أردنا ذكره.
وفيه أن ما دل بعمومه على حجية خبر العادل ليس فيه لفظ الرواية حتى يقال بكونها متباينة مع الشهادة فإن عمدة ما تمسكوا به على حجية خبر العادل آية النبأ ومعلوم ترادفه مع الخبر فيدل بعمومه على حجية أخبار كل عادل سواء كان شهادة أو رواية غاية الأمر قيام الدليل من الخارج على اشتراط التعدد في بعض افراده وهذا لا يخرجه عن الفردية حسبما اعترف به شيخنا المتقدم ذكره من كون كل من الشهادة والرواية قسما من الخبر فما لم يثبت الخصوصية الموجبة للتعدد يحكم بمقضتى العموم بكفاية خبر العدل الواحد نعم لو كان مقتضى العمومات وجوب سماع الرواية المقابلة للشهادة وشك في بعض المصاديق انها شهادة أو رواية كان الحق ما ذكره قدس سره ولكنك قد عرفت أن عمدة ما تمسكوا به لاثبات حجية قول العادل هو آية النبأ الشاملة للرواية والشهادة شمول الكلي لافراده ولذا تراهم يتمسكون لاثبات حجية قول العادل في الشهادة بآية النبأ هذا.
وأضعف مما ذكره من كلامه الذي عرفته ما ذكره بعده بقليل فصل وهو قوله وقد يقال إنه يمكن استفادة اعتبار التعدد في كل ما كان له مدخلية في القضاء ولو في موضوع المدعى وتزكية الشاهد وجرحه وغير ذلك من قوله انما اقضي بينكم بالبينات إلى آخره وقوله استخراج الحقوق بأربعة إلى آخره انتهى ما أردنا نقله وأنت خبير بعدم دلالة ما ذكره من الأدلة ونحوها على ما رامه أبدا بل ولا اشعار فيها أصلا ولولا نسبته ذلك إلى يقال ويمكن لذكرنا بعض ما فيه فتدبر.
ثم إن هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها أحدها ان محل الكلام في المسألة انما هو إذا لم يحصل من قول المترجم العلم وإلا كما يتفق في كثير من الأحيان فلا إشكال في اعتباره وإن كان صبيا أو فاسقا بل كافرا فضلا عن أن يكون عادلا واحدا وليس هذا الكلام مختصا بالمقام بل هو جار في كل ما يكون العلم فيه طريقا فإنه لا يفرق فيه بين أسبابه ثانيها انه قد صرح الفاضل كما حكى عنه وغيره بعدم اعتبار الحرية في المترجم وقد أشكل فيه بعض مشايخنا بأن قاعدة اليقين المزبورة تقتضي اعتبارها بل بناء على أنها من الشهادة يتجه اعتبارها أيضا إن كان الحرية معتبرة فيها انتهى كلامه وفيه أنه لا وجه للتمسك بقاعدة اليقين بعد ما فرض من كون الأصل في خبر العادل القبول حسبما هو المعروف بينهم ويستفاد من كلامه أيضا في بعض المقامات نعم لو قيل بكون الترجمة من الشهادة واعتبار الحرية فيها لتوجه اشتراط الحرية لكنه لا دخل له بقاعدة اليقين ثم إني كلما تأملت ما فهمت المقتضي للاضطراب الذي في كلامه بل ببالي انه فاسد والوجه فيه أن سبب الشك في اشتراط الحرية هو كون الترجمة الشهادة فلا معنى لهذا الاضطراب نعم لو قيل بعدم كون الأصل في قول العادل السماع لتوجه ما ذكره لكنه خلاف المعروف بينهم فتأمل ثالثها إن ما ذكرنا كله في المترجم يجري في مسمع القاضي أيضا لو كان أصم فعليك باستخراج حكمه منه باستعانة الله وتوفيقه وهو حسبنا.
قوله الثامنة الحاكم ان عرف عدالة الشاهدين حكم أقول تحقيق القول في المقام يقع في موضعين أحدهما في بيان موضوع العدالة وبيان المراد منها ثانيها في بيان الحكم في الصور الثلاث.
أما الكلام في الموضع الأول فنقول انها في اللغة الاستواء حسبما حكى عن ظاهر ط وير والاستقامة كما عن محكي جامع المقاصد ومجمع الفائدة والظاهر رجوعهما إلى معنى واحد ولذا عبر جماعة كثاني الشهيدين في الروض والمسالك والسيد في المدارك والفاضل الأصفهاني في كشف اللثام عنها بهما فقالوا انها الاستواء والاستقامة