الدين فحكم التصرف في التركة في صورة عدم الاستيعاب على القول بانتقال جميعها إلى الورثة حكمه في صورة الاستيعاب على القول بالانتقال وأولى بعدم الجواز ما لو قلنا بعدم انتقال التركة إلى الوارث في صورة عدم الاستيعاب حتى ما فضل من الدين على ما ذهب إليه المحقق القمي رحمه الله فتلخص مما ذكرنا أن الحق في المقامات الأربعة عدم جواز التصرف بما يوجب تضييع حق الغرماء قبل أداء الدين وجواز التصرف بما لا يوجبه لما قد عرفت من عدم المانع منه مع حصول العلم عادة برضاء الديان بذلك أيضا وعليك بالتأمل في المقام فإنه من مزال الاقدام ومضطرب العلماء العظام عليهم الرضوان من الملك العلام.
الثاني انك قد عرفت من تضاعيف كلماتنا السابقة انه لا إشكال بل لا خلاف في حصول براءة ذمة الميت وجواز تصرف الوارث بعد ضمانه للغرماء بعقد الضمان لانتقال حقهم حينئذ إلى ذمة الوارث وفي حصولها وجواز تصرف الوارث بعد عزل الوصي ومثله مقدار الدين من التركة على القول بايجاب العزل للتعيين وهل يحصل براءة ذمة الميت بإذن الغرماء في تصرف الوارث أم لا فيه تفصيل بين رجوع الاذن إلى ابراء ذمة الميت من الحق و بين رجوعه إلى الاذن في جعل غير التركة بدل التركة كما هو الغالب فيه فعلى الأول لا إشكال في حصول البراءة و على الثاني لا إشكال في عدم حصولها وتعلق الحق بالبدل.
الثالث انه لا إشكال في عدم جواز تصرف الوارث في التركة وعدم نفوذه على القول به فيما لو كان الدين ظاهرا حين التصرف وأما لو لم يكن حين التصرف دين ظاهر فتصرف ثم تبين هناك دين على الميت فإن تبين ان الميت كان مشغول الذمة فعلا قبل الوفاة وان الدين كان حاصلا قبلها كما لو تبين انه اقترض من شخص مثلا فلا إشكال أيضا في أن حكمه حكم الصورة الأولى في عدم النفوذ والافتقار إلى إجازة الداين وإن خالف حكمها بالنظر إلى الحكم التكليفي فإن التصرف في الصورة الأولى كان حراما بخلاف الفرض لفرض جهل الوارث حين التصرف باشتغال ذمة الميت فلا يكون تصرفه حراما لكونه معذورا معه الجهل في الحكم التكليفي وإن لم يكن معذورا في الحكم الوضعي وإن تبين انه قد أوجد سببا للضمان في حال الحياة لكن لم يترتب المسبب عليه ما دام الحياة وترتب بعد الموت مثل ما لو سرت الجناية بعد موته أو تردى بعد الموت في بئر حفرها عدوانا فهل يلحق في - الحكم بالصورتين فيحكم بعدم نفوذ تصرفه من دون إجازة الغرماء أو يحكم فيه بالنفوذ وجهان أوجههما الأول وإن احتمل العلامة في القواعد الثاني لان الميت بإيجاده السبب فقد أوجد العلة التامة للحكم بضمانه شرعا فتكون تركته متعلقة لحق المضمون له فقد تصرف الوارث فيما كان بحسب الواقع متعلقا لحق الغير والمفروض ان الوجود الواقعي للتعلق يكفي في الحكم بعدم نفوذ تصرف الوارث ووجه النفوذ ان تصرف الوارث في الفرض لا يكون بحسب الواقع مقارنا ومجامعا للدين الموجود حال الحياة فيكون نافذا وفيه ما لا يخفى من الفساد.
الرابع ان كلما ذكرنا في الدين يأتي بعينه في الوصية أيضا لا فرق بينهما أصلا فإن قلنا بانتقال ما قابل الدين إلى الورثة فنقول به بالنسبة إلى ما قابل الوصية إذا فرض كونها كليا وإن قلنا ببقائه على حكم مال الميت فنقول به في الوصية أيضا وكذلك الكلام بالنسبة إلى جواز التصرف وعدمه على كل من القولين من غير فرق بين الوصية والدين في جميع ذلك أصلا نعم الفرق بينهما ان تعلق الوصية بمجموع التركة من قبيل الإشاعة وتعلق الدين بها من قبيل تعلق الكلي بالافراد حسبما عرفت تفصيل القول فيه سابقا وهذا الفرق لم يدل عليه الآية والروايات الدالة بعدم الانتقال بل ما قام من الخارج على أنه ليس للميت إلا الثلث والثلثان مال الوارث وقد صرح بما ذكرنا جمع من المحققين منهم الأردبيلي في آيات الاحكام هذا.