ثم إن ما ذكرنا ليس مختصا بالمقام بل يجري في سائر المقامات أيضا ما دل فيه اطلاق أو عموم على حجر المتصرف مثل ما دل على حجر المريض في الزائد عن الثلث وكذا ما دل على حجر الانسان في التصرف بعد الممات في الزايد عن الثلث إلى غير ذلك فإنها لا تدل إلا على الحجر بالنسبة إلى جميع المال فيما يوجب تفويت ماليته وأما التصرف الذي لا يوجب ذلك كالبيع المثل مثلا فلا منع عنه أصلا.
وبالجملة لا أرى مانعا في المقام من تصرف الوارث بما لا يوجب تفويت مالية التركة سواء على القول بالانتقال وعدمه وأما التصرف الذي يوجب تفويت ماليتها فظاهر الاخبار عدم جوازه وإن كان المتصرف في قصده ضمان المال وكونه في عهدته مطلقا ولم أجد مخالفا فيما ذكرت في القسم الثاني على القول بعدم الانتقال إلا المحقق الأردبيلي والفاضل القمي رحمهما الله حيث احتمل الأول في آية الاحكام جواز التصرف على القول بعدم الانتقال إذا كان في قصده ضمان المال حيث قال ويحتمل جواز التصرف في الكل أيضا ما لم يبين (يعين خ) الدين والموصى به بعد أن قرر المتصرف على نفسه في ذمته الدين والوصية ويجب أدائها ويتصرف في التركة مهما شاء فإن ظاهره وإن كان في الدين الغير المستوعب إلا أنه لا يفرق قطعا.
وأما الفاضل القمي فقد فصل في المقام تفصيلا يرجع حاصله إلى أن الوارث إن كان مليا أو متبرعا بالميت فيجوز تصرفه وإلا فلا فالأولى نقل عبارته بلفظها حتى يطلع الناظر على مراده وهي وإن كانت طويلة إلا أنها لمزيد الفائدة فيها لا بأس في نقلها.
قال قدس سره في أجوبة مسائله في السؤال عن انتقال التركة إلى الوارث مع تعلق الدين بها وعن جواز التصرف فيها على كل من التقديرين ما هذا لفظه.
الجواب قال الله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل خط الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين ظاهر الآية والله يعلم أن الله يأمركم و يعهد إليكم ويفرض عليكم في شأن ميراث أولادكم وبيان مقداره ان للذكر مثل حظ الأنثيين ولأبويه أي المتوفى لكل واحد منهم السدس إلى قوله من بعد وصية آه وهو ظاهر في بيان القدر والكيفية بعد ثبوت أصل الميراث وعلى هذا فالمخصص أعني قوله تعالى من بعد وصية آه لا يصلح للرجوع إلى الجملة الأولى كما لا يخفى ورجوعه إلى الجملة الأخيرة وهو قوله تعالى فلأمه الثلث متيقن كما حقق في الأصول وقرينة المقام والدليل الخارجي يثبت رجوعه إلى سائر الجمل أيضا والاشكال في معنى المخصص وكيفية الرجوع والأظهر ان المراد والله يعلم أن هذه المقادير أعني ثلثي أصل المال أو نصفه أو ثلثه أو سدسه إنما تثبت لصاحبها بعد ملاحظة الوصية والدين يعني يعتبر أولا من المال بمقدار الوصية والدين ويفرض خارجا عن المال لأجل الموصى له وصاحب الدين ثم يعطى صاحب الأنصباء نصيبهم المفروض أو ما يبقى منه بعد اخراج الوصية والدين وأما عدم اعطائهم شيئا إذا لم يبق شئ بعد وضع الوصية والدين فهو وإن كان كذلك في نفس الامر ولكنه يشكل استفادته من الآية فإنه إنما يناسب إذا كانت الوصية مسوقة لأجل بيان نفس الميراث وأما بعد كونه مفروغا عنه وجعل الآية مسوقة لبيان المقدار فلا فحكمه يستفاد من الخارج.
هذا إذا جعلنا قوله تعالى في أولادكم متعلقا بقوله يوصيكم بإرادة في أمر ميراث أولادكم كما ذكره بعض المفسرين وإن قلنا إنه ظرف مستقر من متعلقات ما بعده؟ وقلنا إن قوله للذكر متعلق بقوله يوصيكم ليناسب