أراد قسمة الناقص قيمة بالنسبة إلى ما يقابله من الزايد قيمة يخرج أحد العينين من الإشاعة ويبقى الآخر فيها كما إذا كان بينهما عبدان قيمة أحدهما ألف دينار وقيمة الآخر خمسمأة دينار فطلب قسمة الناقص قيمة بالنسبة إلى ما يقابله فيكون لمن أخرج الناقص له في الزايد ربع من القيمة على سبيل الإشاعة فهل يجبر عليه على تقدير جوازه بالتراضي من جهة قوله الناس مسلطون على أموالهم حسبما سيأتي تفصيل القول فيه إن شاء الله أم لا وجهان أوجههما عند الأستاذ العلامة جازما به الثاني نظرا إلى عدم الدليل عليه فإنا وإن قلنا بجواز القسمة المذكورة في صورة التراضي وأغمضنا النظر عما قيل عليه من عدم مشروعيتها بل عدم تحقق موضوع القسمة والتميز بين السهمين فيها فلا نقول بجواز الاجبار فيه نظرا إلى عدم دلالة الناس مسلطون عليه لان ظاهره فيما إذا تراضيا به هذا ملخص ما ذكره الأستاذ العلامة.
ولكنك خبير بأنه لو دل قوله الناس مسلطون على أموالهم على جواز القسمة في صورة التراضي فثبت مشروعيتها لدل على جواز الاجبار في القسمة أيضا لعدم الفرق في مفاده بين الصورتين وبالجملة تخصيص الرواية بصورة التراضي مما لا وجه له وإلا لم يجز التمسك بها في أصل الاجبار في القسمة مطلقا وقد عرفت ذهاب الأستاذ العلامة إلى دلالتها عليه في غير المقام هذا مضافا إلى ما دل على نفي الضرر والضرار لو فرض هناك ضرر على الطالب فإذا الحق جواز الاجبار في الفرض على تقدير القول بمشروعية القسمة في صورة التراضي والقول بأنه خلاف ظاهر كلماتهم من حيث اطباقها على عدم جريان الاجبار في قسمة الرد فيه ما لا يخفى على المتأمل لان الفرض ليس من قسمة الاجبار في شئ بل هو قسمة تعديل في مورد قسمة الاجبار كما هو واضح نعم لو فرض هناك ضرر على الممتنع لم يجبر على القسمة والقول بوجوده في جميع المقامات فيه مما لا يخفى على المتأمل فتأمل.
قوله إذا اتفقا على الرد وعدلت السهام فهل يلزم بنفس القرعة آه أقول قد عرفت سابقا في طي بعض كلماتنا مجمل القول في ذلك فبالحري ان نشرح القول فيه في المقام ليرتفع غواشي الأوهام عن وجه المرام فنقول بعون الملك العلام انه ذهب جماعة منهم الشيخ في المبسوط وبعض من تقدم عليه وتأخر عنه كالعلامة في التحرير والارشاد والفخر في شرحه والشهيدين في الدروس والمسالك إلى عدم كفاية القرعة في اللزوم بل يحتاج إلى الرضاء بعدها وذهب بعض إلى كفاية القرعة في اللزوم وعدم الاحتياج إلى الرضاء بعدها نظرا إلى تبانيهما ورضاهما من أول الأمر على اعطاء كل من اخرج له القرعة السهم الزايد قيمة الجزء الذي يختص بالشريك الآخر فبعد القرعة لا معنى للاحتياج إلى الرضاء بعدها هذا مجمل متمسك القول بالكفاية.
وأما ما استدل به للقائلين بعدمها فوجوه من الأدلة أحدها ما استدل به في المسالك ويستفاد من كلام الشيخ رحمه الله من أن قسمة الرد معاوضة قطعا وصحة المعارضة شرعا تتوقف على تعيين من عليه العوض وهو غير معين قبل القرعة واقعا فإنه أحد الشريكين فالرضاء بأن يكون العوض على أحدهما الغير المعين الحاصل قبل القرعة لا ينفع في تحقق المعاوضة وهذا بخلاف بعد القرعة فإنه يعين من عليه العوض لو أرادوا المعاوضة فإن اتفقا عليها بأن تراضيا بعدها فتحقق المعاوضة المعتبرة شرعا وإلا فلا وهذا معنى كلام الشيخ رحمه الله في موضع من المبسوط ان فايدة القرعة تميز البايع من المشتري فيحتاج تحقق البيع إلى تراض من المتبايعين.
وأورد عليه بأن من عليه العوض في المقام أيضا معلوم بحسب الواقع وفي علم الله وهو من أخرج باسمه الزايد قيمة وإن لم نعلمه واشتراط المعلومية زايدا على هذا في صحة المعاوضة في كل مورد لم يدل عليه دليل أصلا بل مقتضى أوفوا بالعقود وجوب الوفاء بالمعاوضة في المقام أيضا فتأمل.