مثلا مع اعترافه بعدم علمه بالتوبة عنها وشهد المعدل بعدالته مدعيا بالتوبة عنها أو شهد المعدل بعدالته مع اعترافه بعدم علمه بصدور المعصية عنه وعدمه وشهد الجارح بفسقه مدعيا علمه بصدور المعصية عنه إلى غير ذلك من الأمثلة وضابطه ادعاء أحدهما زيادة لا ينفيها الآخر والحكم فيه تقديم مدعي الزيادة لان شهادته بالنسبة إليها خالية عن المعارض فإن المفروض ان الآخر معترف بجهله بها ومعه لا يعقل التكذيب حتى يتحقق التنافي والتعارض فحينئذ قد يؤخذ بالتعديل كما في الصورة الأولى وقد يؤخذ بالجرح كما في الصورة الثانية وهذا كله مما لا إشكال فيه.
وإنما الاشكال فيما ذكره شيخ الطائفة ورئيس الفرقة الناجية مثالا لصورة تقديم التعديل على الجرح من حيث ادعاء مدعيه زيادة مخفية على مدعي الجرح وهو ما لو شهد اثنان من أهل بلده بالجرح واثنان من البلد الذي انتقل إليه بالعدالة أو شهد اثنان ممن معه في الحضر على الجرح واثنان ممن معه في السفر على العدالة مع كونهما من بلد واحد فإنه يقدم حينئذ بينة التعديل قال وأصله النظر إلى الزيادة فيعمل عليها.
وجه الاشكال انه إن كان نصوصية كلام المعدل فيما ذكره من المثالين واشتماله على الزيادة بالنسبة إلى كلام الجارح من جهة قرينة التأخر ففيه المنع من صلاحية قرينيته لما ذكر وإلا لحكم بالتوقف في صورة التقارن من حيث تساوي ظهورهما لأنا قد ذكرنا في محله إن كل دليلين صار تأخر أحدهما سببا لأظهريته بالنسبة إلى الآخر لا بد من مساواتهما في الظهور في صورة التقارن وقد ذكرنا أن في صورة التقارن تقدم بينة الجرح من حيث أظهريتها ونصوصيتها بالنسبة إلى بينة التعديل وقد نقل شخينا الأستاذ دام ظله العالي عنه قدس سره في المبسوط القول بترجيح بينة الجرح في صورة التقارن وإن كان من جهة اطلاع بينة البلد المنتقل إليه أو السفر على التوبة منه لم يطلع عليها بينة الجرح ففيه أيضا المنع من ذلك لاحتمال كون استنادها في الشهادة على الظن بالملكة وعدم العلم بالمعصية كما يحتمل ذلك في صورة التقارن فالحق في المثالين هو الحكم بتقديم بينة الجرح لما ذكرنا في صورة - الاطلاق فراجع وتأمل هذا كله في المقام الأول.
وأما المقام الثاني وهو ما لو شهد الجارح والمعدل بما يرجع إلى التكاذب كما لو شهد الجارح اني علمت بصدور الزناء من زيد مثلا في الوقت الفلاني وشهد المعدل بعدم صدور الزناء منه في ذلك الوقت بل شهد انه كان مشغولا بالطاعة دون المعصية أو شهد الجارح بعدم الملكة له والمعدل بوجودها له إلى غير ذلك وضابطه ما لو شهد أحدهما بما يسلتزم نفي ما شهد به الآخر فيقع الكلام فيه أيضا في مقامين أحدهما في جواز الرجوع إلى المرجحات حسبما يظهر من جماعة وعدمه وثانيهما في بيان الحكم بعدما قلنا بعدم جواز الرجوع إلى المرجحات أو فرض فقدها على القول بجواز الرجوع إليها.
أما المقام الأول فالحق فيه وفاقا للمحققين عدم جواز الرجوع إلى المرجحات لان الترجيح بالظن كحجيته فكما أن مقتضى الأصل الأولى عدم الثاني كذلك مقتضاه عدم الأول أيضا. وبعبارة أخرى الاتكال بالظن في ترجيح إحدى الامارتين على الأخرى وتعيين مقتضاها كالاتكال به في استنباط الحكم الشرعي منه مستقلا فكما أن مقتضى الأصل الأولى عدم حجية الظن كذلك مقتضاه عدم الترجيح به لأنه أيضا نوع عمل به يحكم العقل والنقل بعدم جوازه ما لم يرد الدليل به هذا فقد استوفينا الكلام في بيان الأصل المذكور في المقامين واتقانه في الأصول في مسألة حجية الظن والتراجيح فراجع والمفروض انه لم يرد دليل على خلاف مقتضى هذا الأصل في المقام لان ما ورد من الاخبار على الترجيح بمطلق الظن أو ببعض الظنون فإنما هو في خصوص الروايات المتعارضة دون مطلق المتعارضين