شهدت البينة على الملك المطلق فقد شهدت على الملك الحالي من حيث كونه القدر المتيقن فيصير مثل ما إذا صرحت بالملكية الحالية.
والحاصل ان المذكور في كلام الأصحاب أقسام ثلاثة لتعارض البينتين في المقام أحدها تعارض القديم والأقدم كما إذا شهدت إحديهما على الملك منذ سنة والأخرى على الملك منذ سنتين.
ثانيها تعارض القديم والحادث العرفيين كما إذا شهدت إحديهما على الملك منذ سنة أو الأمس والأخرى على الملكية في الحال بمعنى كونها نصا في الملكية الحالية سواء كان من جهة التصريح بلفظ الحال أو ذكر لفظ كان القدر المتيقن منه هي الملكية الحالية.
ثالثها تعارض المطلق والمؤرخ كما إذا شهدت إحديهما على الملكية المشتملة على التاريخ المعين والأخرى على الملكية المشتملة على التاريخ في الجملة ويشهد لما ذكرنا من المعنى للاطلاق والتاريخ ما سيمر بك من كلام الفاضل الأصفهاني في كشف اللثام هذا ملخص ما ذكره دام ظله العالي لتعيين المراد من الاطلاق والتاريخ وهو لا يخلو عن تأمل.
وكيف كان فالذي صرح به العلامة طيب الله رمسه في القواعد هو الحكم بالتساوي في الفرض من غير ترجيح بالتاريخ وفرق بينه وبين القسمين الأولين حيث قال ولو أطلقت إحديهما وورخت الأخرى تساويا وعلله في كشف اللثام باحتمال الاطلاق سبق التاريخ فإن كان المراد من التاريخ تاريخ البينة المطلقة فيصير قرينة على ما ذكره شيخنا العلامة دام ظله وإن كان المراد تاريخ البينة المؤرخة لم يكن له دلالة على ما ذكره إن لم يدل على خلافه.
وكيف كان حاصل ما ذكره من الدليل يرجع إلى أن الحكم بالترجيح والتقديم في القديم والأقدم والحادث والقديم إنما هو من جهة الحكم بتساقطهما في مورد التعارض وسلامة القديم أو الأقدم عن المعارض بالنسبة إلى جزء من الزمان الذي يكون تسميته بالترجيح حقيقة من باب المسامحة كما لا يخفى وهذا المناط غير موجود بالنسبة إلى المطلقة والمؤرخة لاحتمال كون تاريخ المطلقة مقدما على المؤرخة ولم أر من الأصحاب من فرق بين الصور في الحكم غير العلامة قدس سره وأما الحكم بترجيح المطلقة فقد صرح الأستاذ العلامة دام ظله بأنه لا معنى له على تقدير القول به في الصورتين الأوليين لان كل احتمال يجري في المؤرخة يجري في المطلقة أيضا فلا معنى للترجيح بينهما بعد مساواتهما من جميع الاحتمالات لأنه كما يحتمل تقدم المطلقة على المؤرخة كذلك يحتمل العكس هذا.
ثم إنه يتوجه على ما ذكره الفاضلان في المتن وشرحه من التفصيل بين الصورة والصورتين السابقتين إشكالان أحدهما ان مقتضى أصالة تأخر الحادث الحاق الصورة بالصورتين الأوليين لأنه بسببها يثبت كون تاريخ المطلقة مؤخرا من تاريخ المؤرخة ولا يمكن العكس كما في مجهولي التاريخ كما لا يخفى لا يقال إن الحكم بتأخر التاريخ من جهة الأصل ليترتب عليه أحكام المتأخر إنما هو مبني على اعتبار الأصول المثبتة وهو غير ثابت عند المحققين.
لأنا نقول عدم اعتبار الأصول المثبتة إنما هو إذا بنى على اعتبار الاستصحاب من باب الاخبار لا من باب الظن حسبما عليه بناء جميع العامة والمتقدمين من الخاصة حتى العلامة قدس سره في النهاية وغيرها والسؤال إنما هو على من يذهب إلى اعتبار الاستصحاب من باب الظن ومع ذلك يفرق بين الصور هذا.