واضح لكل من تأمل الآية وأمثالها هكذا ذكره الأستاذ العلامة والامر كما ذكره لكن جماعة من الأصحاب تسامحوا في الاستدلال بالآيتين فتعدوا عن الطلاق في الآية الأولى إلى غيره كما يظهر من تمسكهم بها في فروع كثيرة منهم عدم الحاق وطي البهيمة بالزناء في الافتقار إلى أربعة شهداء وقد استدل بها لهذا المطلب الشهيد في المسالك في باب الشهادات.
وتمسكوا بالآية الثانية بل الأولى لكفاية الشاهدين في اثبات جملة من الحقوق ولعل الأول مبني على فهمهم عدم الخصوصية للمورد فتأمل والثاني مبني على ثبوت الملازمة بين المعنى الذي كانت الآية مسوقة له وما تمسكوا بها له وثبوتها لا يخلو عن قرب وعلى أي تقدير لا دلالة للآية على مطلب الخصم.
ثانيها استشهاده (عليه السلام) بالنبوي مع أنه بظاهره لا دخل له بالمقام لان النزاع في أصل الغلولية وبعبارة أخرى استدلال الإمام (عليه السلام) بالنبوي في المقام في بادي النظر نظير التمسك بالكبرى مع النزاع في الصغرى وقد أجاب عن هذه الاشكال شيخنا الأستاذ بأن استشهاده بالنبوي من جهة دلالته على أن قول مدعي الغلولة مسموع وان القول قوله بعد ثبوت ان المأخوذ من الغنيمة المشتركة بين المسلمين من دون احتياج إلى بينة أصلا ودلالته على هذا المعنى ظاهرة.
ثم ذكر الأستاذ العلامة ان وجه كون القول قوله كون الأصل معه فيكون على طبق القاعدة لا على خلافها مع أنه لو كان على خلافها رفع اليد عنها به هذا.
وفيه نظر من وجوه أحدها ما ذكره دام ظله العالي من أن هذا الجواب مبني على وجود الغنيمة يوم البصرة وهو غير معلوم لان مقتضى بعض الأخبار نفيه وإن كان مقتضى آخر اثباته ثانيها ما استفيد من كلامه أيضا من أن الظاهر من الحديث وقوع النزاع أيضا على كون الدرع لطلحة أو لغيره ولم يكن النزاع مختصا بالغلولة ولهذا أشهد الإمام الثاني (عليه السلام) وقنبر على كليهما فتأمل ثالثها ما قد يختلج بالبال وقد سمعت من الأستاذ أيضا في خارج مجلس البحث من أن الاخذ بغير بينة من جهة ان القول قوله لا يثبت سماع قوله من دون يمين وليس في الرواية ذكر اليمين أصلا ويمكن دفعه بأن الكلام مع شريح إنما كان في الاحتياج إلى البينة وعدمه لا في ثبوت اليمين أو يقال إن هذا المورد من الموارد التي يسمع فيها قول المدعي بدون بينة فتأمل وللأحقر من أصل الاشكال جواب آخر يطول الكلام بذكره ولا يبعد ان يطلع المتأمل عليه.
ثالثها قوله وقد قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشهادة واحد ويمين وجه الاشكال فيه أن الشريح لم ينف شهادة الواحد مع اليمين وإنما نفى شهادة الواحد ودفع هذا الاشكال غير خفي على كل من راجع الرواية إذ من المعلوم أنه نفى ذلك بقوله لا أقضي بشهادة واحد حتى يكون معه آخر لأنه أعم من وجود اليمين مع الواحد وعدمه فعليه ان يأمر الإمام (عليه السلام) باليمين بمقتضى قول الرسول هذه جملة القول في الموضع الأول.
وأما الكلام في الموضع الثاني فنقول انه قد يقال بأن الحجة الشاهد واليمين شرط له يتقوى بها جانبه لان مقتضى العمومات كون وظيفة المدعى البينة وعدم سماع اليمين منه وليست البينة حقيقة في الاثنين حتى يقال بخروج الواحد عنها بل البينة عبارة عن الحجة سواء كانت قول واحد أو اثنين.
وقد يقال بأن الحجة والسبب اليمين والشاهد شرط لها يتقوى به جانبها والوجه فيه أن مقتضى - العمومات الأولية على ما مرت إليها الإشارة انحصار القضاء والفصل بالبينة والايمان فإذا تعذر الأولى تعين الثانية لئلا يلزم القضاء بغيرهما والقول بان الشاهد الواحد بينة حقيقة ضعيف جدا سلمنا لكن المتبادر منها كلما