حلفه حينئذ على البت ليس إلا من جهة الاستناد إلى الأصل وقد عرفت أنه في حكم الحلف على نفي العلم الغير الكافي في المقام فراجع وتأمل.
قوله يقضى على من غاب عن مجلس مطلقا مسافرا كان أو حاضرا الخ أقول الحكم على الغائب في الجملة مما لا إشكال بل لا خلاف فيه عندنا بل الاجماع بقسميه عليه مضافا إلى روايتي محمد بن مسلم وجميل المتقدمتين فيما سبق فراجع.
وقد يستدل بروايات أخر مذكورة في كتب الأصحاب كالنبوي المستفيض في حكاية هند زوجة أبي سفيان لعنهما الله والمروي عن أبي موسى الأشعري لعنه الله وغيرهما لا دلالة لها (1) على المدعى عندنا لكنا لسنا محتاجين إليها لما قد عرفت من دلالة غيرها من الأدلة وانه لا إشكال في المسألة في الجملة إنما الاشكال في شرايط ذكرها الأصحاب أو بعضهم يرجع بعضها إلى الدعوى وبعضها إلى المدعي وبعضها إلى المدعى عليه وبعضها إلى المدعى به.
فنقول ان الكلام في المسألة يقع في مواضع الأول في الدعوى الثاني في المدعى والثالث في - المدعى عليه والرابع في المدعى به وقبل الخوض في التكلم في المواضع الأربعة لا بد من التكلم في أن القضاء على الغائب هل هو موافق للأصل الثانوي المستفاد من الاطلاقات الواردة في باب القضاء من الآيات والاخبار أو لا فنقول انه قد يقال بل قيل كما عن جماعة بكونه موافقا له لشمولها للغائب كشمولها للحاضر ولكن التحقيق الذي عليه بعض المحققين كونه مخالفا له لعدم اطلاق فيها ينفع المقام كما سيجئ الإشارة إليه في طي المسألة مضافا إلى ظهورها في القضاء والفصل المنجز الغير الموجود في الغائب لان الفصل فيه يكون مراعى كما لا يخفى فاحفظ هذا لعله ينفعك فيما بعد إن شاء الله فلنرجع إلى التكلم في أصل المسألة.
فنقول إما الكلام في الموضع الأول فقد ذكر الفاضل في بعض كتبه انه يشترط في سماع الدعوى على الغائب أن تكون معلومة وإن قيل بسماع الدعوى المجهولة على الحاضر والوجه في هذا الاشتراط حسبما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله هو ان سماع الدعوى انما يكون في موضع أمكن الحكم فيه عادة بحصول الموازين الشرعية وترتب على سماعها فائدة وهذا في الحاضر ممكن عندهم حسبما عرفت سابقا من تعليلهم سماع الدعوى باحتمال الاقرار من المدعى عليه أو إنكار منه مع حلفه أو رده اليمين على المدعي أو غيرهما من القواعد ومعلوم ان هذا غير ممكن في الغائب أما الحكم بالبينة فلما قد عرفت من عدم دليل على سماعها في الحاضر أيضا فضلا عن الغائب وإن كنت طالبا للاطلاع على تفصيل القول فيه فراجع إلى ما ذكرنا سابقا في تلك المسألة وأما احتمال حصول الاقرار أو الانكار فهو منفي في المقام لفرض كون المدعى عليه غائبا لا يقال قد يمكن حصولها منه أيضا بعد حضوره فالقول باطلاق عدم السماع غير وجيه.
لأنا نقول الكلام في سماع الدعوى على الغائب مع كونه غائبا فما ذكر لا ربط له بالمقام هذه خلاصة ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله في توجيه كلام الفاضل ولم أر من ذكر له وجها من الأصحاب لكنك تقدر على المناقشة فيما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله بالتأمل فيما ذكرنا من الكلام في الدعوى المجهولة فراجع إليه.