وأما لو لم يقم بينة عليه فلا إشكال في أن الأصل مع المدعي لان الأصل عدم كون وارث غيره لكن من الواضح الغير المحتاج إلى البيان لكل أحد ان العمل بهذا الأصل من دون فحص يوجب الوقوع في مخالفة الواقع كثيرا لاستلزامه ابطال حقوق أكثر المستحقين فلا يجوز العمل به قبل الفحص وإن كان مقتضى القاعدة هو عدم وجوب الفحص في اجراء الأصل في الموضوعات إلا انا ذكرنا في غير مورد انه قد يكون بعض الموضوعات مثل الأحكام الشرعية يلزم من الرجوع إلى الأصل فيه قبل الفحص محذور يلزم من الرجوع إلى الأصل قبل الفحص في الشبهات الحكمية من المخالفة الكثيرة ففي هذا المورد لا يحوز العمل بالأصل قبل الفحص قطعا ويجب العمل به بعد الفحص لاستلزام ترك العمل به مطلقا تعطيل الحقوق أيضا وهو أيضا باطل. وبالجملة الاشكال في وجوب الفحص والبحث عن الوارث على الحاكم في دفع المال إلى المدعي فاسد جدا وإن كان مع أخذ كفيل منه ضرورة انه قد يتعلق غرض الوارث بنفس أعيان التركة.
وينبغي البينة على أمور الأول انه لا إشكال بل لا خلاف انه لا يجب على القابض للنصف أو غيره إقامة ضمين لما قبض إذا كانت هناك بينة والوجه فيه واضح حيث إن البينة طريق إلى الواقع وكاشفة عنه فيجب العمل بمقتضاها فيدفع المال إلى المدعي من دون أخذ ضمين منه وأما لو لم يكن هناك بينة بل دفعنا المال من جهة الأصل بعد الفحص فظاهرهم عدم جواز الدفع إلا مع أخذ ضمين منه لأنه جمع بين مراعاة حق الوارث المحتمل والموجود. نعم ظاهر بعض مشايخنا بل صريحه ان أخذ الضمين إنما هو من جهة الوثوق والاطمينان لعدم ورود الضرر على الوارث المحتمل فلو حصل هذا الاطمينان من دون ضمين كما إذا كان الوارث مليا غير مماطل في أداء حقوق الناس فلا يجب أخذ الضمين منه إذ ليس مبناه على النص والتعبد كما لا يخفى وظاهره في أول كلامه الاستشكال في أصل وجوب الضمين من حيث إن الأصل براءة ذمة الوارث المعلوم بعد ثبوت ما يقتضي دفع حقه إليه وأنت خبير بأنه ليس بوجه. الثاني انه إذا تمكن المدعي من إقامة البينة على الانحصار فهل يجوز للحاكم العمل بمقتضى الأصل بعد الفحص أو لا يجوز إلا بعد تعذر إقامة البينة وجهان من أنها لا مزية لها على الحاكم لأنها أيضا تشهد بالانحصار من جهة الأصل فتأمل ومن أن الأصل في ميزان القضاء هو البينة والذي يقتضيه ظاهر كلمات جماعة هو الثاني ولا يبعد أن يكون هو الوجه. الثالث ان القضاء فيما يعمل الحاكم بالأصل مع الفحص هل هو بالبينة المنضمة إلى الأصل لو كان ثبوت وراثة المدعي بالبينة أو العلم المنضم إليه لو علم بكونه وارثا أو يحتاج إلى انضمام اليمين في الصورتين أو في الصورة الأخيرة وجهان أوجههما بالنظر إلى ما يقتضيه النظر عاجلا الثاني فتدبر حتى لا يختلط عليك الامر.
قوله إذا ماتت امرأة وابنها فقال أخوها آه أقول لا يخفى عليك ان كلامهم في المقام مفروض فيما لم يعلم تاريخ موت أحدهما وإلا فيحكم بتوريث من جهل تاريخ موته من غير فرق بين أن يكون هي الامرأة أو ابنها لان على بقاء حياة كل منهما في زمان موت الآخر يترتب التريث لان الشرط فيه موت أحد القريبين في زمان حياة قريبه فيكون استصحاب حياة كل منهما نظير أصالة عدم الاسلام في ما كان زمان الموت معلوما في المسألة السابقة فلا يرجع إلى الأصل في أحدهما إلى الأصول المثبتة بل يترتب على مجرى كل منهما أثر شرعي هذا ومما ذكرنا كله يظهر ما ذكره بعض مشايخنا من ابتناء الحكم فيما علم تاريخ موت أحدهما على الحكم في المسألة السابقة وقد عرفت الفرق بينهما فافهم. وأما ما يظهر من بعض مشايخنا من تقييد كلامهم بما إذا لم يعلم سبق موت أحدهما فليس له وجه لان مجرد العلم بسبق موت أحدهما مع أن ما ذكره تقييد