يترتب عليه جميع أحكام القضاء على القول بتقديم بينة الداخل فيصير القضاء ببينة الداخل قبل حضور الخصم كالقضاء ببينته بعده فبالنسبة إلى كل شئ كانت معلقة عليه في حال الحضور فتكون معلقة عليه في حال عدمه أيضا كما بالنسبة إلى البينة على الجرح وبالنسبة إلى كل شئ تكون منجزة في تلك الحال تكون منجزة بالنسبة إليه في حال عدمها.
وبالجملة يصير حال وجود الخصم وعدمه سيين في الحكم فما نحن فيه على العكس من مسألة القضاء على الغائب في الجملة فإن في تلك المسألة المدعى عليه غائب وفي المقام المدعى غائب وإن تفارقتا في أن المدعى عليه ثمة معلوم معين وفي المقام المدعى غير معلوم بل غير موجود إلا بالفرض وكيف كان الظاهر أن المراد من العبارة هو المعنى الثاني حسبما صرح به في محكي التحرير.
ثم إن هناك مسألة أخرى أعم مما ذكروه وهي انه هل تسمع البينة للتسجيل أم لا كما في كلام جماعة فإنه قد ذكر الأستاذ العلامة دام إفادته ان بينة التسجيل قد تتصور لغير ذي اليد أيضا كما إذا كانت العين في يد ثالث وأقام أحد المدعيين بينة للتسجيل لكن فرضه لا يخلو عن إشكال وما ذكره شيخنا الأستاذ لا يخلو عن تأمل ومناقشة كما لا يخفى وكيف كان يعلم حكم المسألة مما سنذكره في بينة الداخل.
فنقول انه لا إشكال ولا خلاف في نفوذ الحكم بالبينة فيما كانت ثمة خصومة فعلية كما أنه لا إشكال في عدم الدليل على نفوذه عموما وإن أدعاه بعض فيما لم يكن هناك خصومة أصلا لا فعلية ولا شأنية وإن اتفق وجودها في بعض الأحيان إلا أن المورد لم يكن من مظان وجودها كما في حكم الحاكم بالموضوعات الخارجية المترتبة عليها الأحكام الشرعية في غير الاملاك كحكمه بثبوت الهلال أو نجاسة شئ أو طهارته إلى غير ذلك.
إنما الاشكال في نفوذه فيما لم يكن ثمة خصومة فعلية لكن كانت خصومة شأنية كما في دعوى الاملاك فذهب جمع إلى نفوذه وبعض آخر إلى عدمه ومبنى الاشكال ان المستفاد من عمومات القضاء بالبينة وحرمة نقضه ورده لأنه موجب للرد على الله بالواسطة هل الأعم من صورة وجود الخصومة الفعلية فيشمل الشأنية أو خصوص الأولى والظاهر بمقتضى النظر الدقيق هو الثاني وإن كان ربما يظهر في بادي الرأي الأول هذا.
ولكن ربما يظهر من استدلال الفخر في محكي الايضاح على السماع بأن التسجيل من الفوايد والأغراض ان الخصم يسلم العموم إلا أنه يدعى العراء عن الفائدة من جهة أن الحكم بالملكية يكفي فيه اليد هذا كله على تقدير القول بتقديم بينة الداخل وأما على القول بتقديم بينة الخارج فينحصر الثمرة في اغنائها عن اليمين في صورة وجود الخصم وعدم اقامته البينة إن قيل باغنائها عن اليمين كما سيجئ تفصيل القول فيه إن شاء الله.
الخامس انه ذكر الأستاذ العلامة انه على القول بتقديم بينة الداخل لا بد من أن يسئل أولا من وجود البينة عن الداخل عكس ما هو المشهور على ما هو المشهور من تقديم بينة الخارج لان مناط وجوب السؤال عن البينة عن المدعي على القول المشهور وهو كون مرتبة وجود اليمين متأخرة عن البينة يجري بعينه على هذا القول أيضا لان بينة المدعي في جنب بينة المنكر على هذا القول كيمين المنكر وبينة المدعي لا يقال إن ما ذكرته مناف لما يستفاد من الاخبار المبينة فيها سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) من استقرارها على سؤال البينة من المدعي.
لأنا نقول هذه اخبار تدل على عدم سماع بينة الداخل عند التعارض والكلام على تقدير القول بتقديمها