غالب افراده نظرا إلى انسداد باب العلم في غالبها كما في الضرر ونحوه وإن شئت قلت إن اعتبار حكم الحاكم فيما نحن فيه وما ضاهاه كالهلال ونحوه محل اجماع بينهم سادسها الاستفاضة والكلام فيها في مقامين أحدهما في بيان موضوعها وان المراد منها ما هو ثانيهما في بيان حكمها وانه هل يثبت بها الولاية أم لا.
أما الكلام في المقام الأول فنقول انها في اللغة على ما ذكره الأستاذ دام ظله وصرح به جمع من اللغويين كما في المصباح المنير والمجمع بمعنى السيلان والانتشار والشياع كما يقال أفاض السيل يفيض فيضا أي كثير وسال من شفا الوادي واستفاض الحديث أي شاع وانتشر وعند الأصوليين عرفت بأنها خبر ثلاثة وما فوقها إلى حد التواتر كما عن بعض أو خبر ما فوق الثلاثة إلى حد التواتر كما عن آخر أو إلى الخمسة كما عن ثالث وأما عند الفقهاء فقد اضطربت فيه كلماتهم فلما لم يقع هذا اللفظ أي لفظ الاستفاضة في نص أو معقد اجماع بينهم حتى يرجع في تشخيصه إلى العرف بل إنما وقع في كلمات الفقهاء فلا بد في تشخيصه من الرجوع إلى كلماتهم ففي بعضها هي أخبار جماعة لا يجمعهم (لا يمنعهم خ) التواطى على الكذب عادة بحيث يحصل بقولهم العلم على ما في مسلك الافهام على ما نسب إلى ظاهر كلام الماتن وإن كان في النسبة نظر على ما سيأتي تفصيل القول فيه وفي بعضها تفسيرها بالشياع ونحوه لكن لا بد أن يعلم أن هذا التفسير غير موضح لمعناها لان الشياع أيضا مثل الاستفاضة لا يعلم أقل ما يحصل به وفي بعضها أخبار ثلاثة وما فوقها إلى غير ذلك من التعاريف التي يقف عليها المتتبع في كلماتهم هذا.
ولكن الانصاف انه لم يعلم منها أقل ما يحصل به الاستفاضة من الثلاثة أو الأربعة وإن علم منها عدم حصولها بالاثنين لان ذكرهم البينة الشرعية من مثبتات الولاية لا يجامع ذكرهم الاستفاضة من المثبتات لها إذا كان مرادهم منها الاثنين لان الاستفاضة عندهم ليست مشروطة بما شرط في البينة من الذكورية والعدالة والبلوغ و الكمال والايمان بل الاستفاضة تحصل عندهم باخبار كل أحد من الذكور والإناث والعادل والفاسق والمسلم والمؤمن بل الكافر فذكرهم البينة الشرعية من المثبتات لها مع اشتراطها بالشروط المذكورة مناقض لذكرهم الاستفاضة من المثبتات لها مع عدم اشتراطها بتلك الشروط على هذا الفرض كما لا يخفى.
وكيف كان فهل اختلاف الفقهاء والأصوليين في الاستفاضة اختلاف فيما اصطلحوا عليه أو فيما يتحقق به المعنى اللغوي مع اتفاقهم على عدم النقل عنه ظاهر ما يترا أي من كلماتهم في بادي النظر هو الأول ولكن مقتضى تدقيق النظر في كلماتهم هو الثاني هذا كما ذكرناه في لفظ الصحيح (لفظة الصحيحة خ) في العبادة من أن اختلاف الفقهاء والمتكلمين فيه (فيها خ) ليس من جهة اصطلاح كل له معنى غير ما اصطلح عليه الآخر بل الظاهر منهم الاتفاق على بقاء الصحة على معناها اللغوي الذي يعبر عنه بالفارسية بدرست بودن لكن الفقهاء لما كان المقصود الأصلي لهم في العبادة هو رفع التكليف قالوا صحة العبادة هي كونها مسقطة للإعادة والقضاء والمتكلمين لما كان نظرهم إلى جهة العبودية والإطاعة قالوا صحة العبادة ما كان موافقا للامر والامتثال وليس هذا إلا من جهة اختلافهم في النظر كما يجري مثل ذلك في الأمور الخارجية أيضا مثل صحيح الرمان فإنه عند بعض كونه حامضا وعند آخر كونه حلوا وعند ثالث كونه حلوا أو حامضا وليس هذا من جهة نقل كل منهم لفظ الصحيح في صحيح الرمان من معناه اللغوي إلى ما عبر عنه بل إنما هو من جهة اختلافهم في الميل وهذا باب واسع يجري في كثير من الألفاظ التي يتخيل نقلها من معناها اللغوي عند الاوصوليين والفقهاء أو أهل الرجال كما في لفظ الثقة فإنه قد يتخيل ان ما ذكره أهل الرجال من أن كلما يذكر لفظ الثقة بقول مطلق المراد منه العدل الامامي انه اصطلاح منهم وليس كذلك بل مرادهم من ذلك أن الوثوق بالمعنى اللغوي بقول مطلق لا يحصل إلا بذلك فافهم والخبر الصحيح ونحوه فإنه قد يتخيل