قلت نمنع مما ذكرت لأنه ليس في روايات القضاء بالنكول أو الرد عين ولا اثر من لفظ المنكر وعلى فرض تسليم وجوده في بعض الروايات لا منافاة بينه وبين ما اشتمل على لفظ المدعى عليه لأنهما ليسا من قبيل المثبت والنافي هذا.
وقد يقال بكون الساكت منكرا لان معناه من لا يلتزم بدعوى فيشمل الساكت أيضا وفيه ما لا يخفى لمنع كون المراد من المنكر ما ذكر فتدبر الثاني ما يستفاد من كلام جمع وذكره الأستاذ العلامة دام ظله أيضا من أن الساكت لا يخلو إما أن يكون في الواقع منكرا أو مقرا فإن كان مقرا فلا إشكال في جواز إلزامه بالحق وإن كان منكرا فلا إشكال أيضا لامتناعه عن الحلف والرد فيلزم بالحق قبل رد اليمين إلى المدعي على القول بالقضاء بالنكول أو بعده على القول بعدمه وفيه المنع من كونه منكرا أو مقرا بل هو واسطة بينهما لان مجرد الامتناع القلبي والقبول القلبي ليسا بإنكار وإقرار قطعا لعدم صدقهما قطعا بل واقعية الانكار والاقرار إنما هي باللفظ الدال عليهما فليست لهما واقعية مع قطع النظر عنه فلو رتب في الشرع حكم على المنكر أو المقر لا يترتب على الساكت إلا أن يقال إن الأحكام المترتبة على المقر والمنكر في الشرع إنما تترتب على المعترف واقعا والممتنع كذلك وليس لهذين العنوانين مدخل فيهما أصلا لكنه في حيز المنع فالأولى منع ترتب الاحكام في الشريعة إلا على لفظ من ادعى عليه أو ما قاربه ومعلوم صدقهما على الساكت وبالجملة لا إشكال عندنا في عدم تمامية هذا الاستدلال وسقوطه عن درجة الاعتبار وبالحري أن يكون كذلك عند ذوي الابصار هذا.
وقد أجاب عنه بعض مشايخنا رحمه الله بأن الدعوى المقابلة بالسكوت لو اقتضت رد اليمين على المدعي لعدم خروجه عن أحد الاحتمالين لاقتضت ذلك في الدعوى على الميت وعلى الممتنع عن مجلس الحضور وعلى الغائب والصبي والمجنون ونحوهم ممن لم يتحقق منهم جواب وهو معلوم العدم انتهى كلامه.
وأنت خبير بضعف هذا الكلام إذ مصيرهم إلى الحكم المذكور في الساكت لا يقتضي التعدي إلى الميت وأشباهه ممن لا لسان له للفرق بينهما لعدم قدرة الميت ومثله للتكلم حين الدعوى أصلا وقدرة الساكت عليه فلعل الميت مثلا أوفى الحق في حال حياته أو برء ذمته ولا لسان له أن يدعيهما بخلاف الساكت هذا مضافا إلى قيام الدليل على الفرق بين المذكورين في الحكم المزبور حسبما عرفت في الدعوى على الميت فتدبر الثالث ما أشرنا إليه سابقا في طي كلماتنا السابقة من أن الجواب ليس حقا للمدعى من حيث هو هو بل إنما هو مقدمة لوصول حقه إليه فإذا تمكن التوصل إليه بدونه فلا داعي لمراعاته وتحصيله إلى غير ذلك من الوجوه التي يستدل بها على المدعى المذكورة في كلمات الأصحاب مثل أن في الضرب والحبس للجواب اضرار بالمدعى عليه من غير موجب وان فيه تضييعا لحق المدعي من دون سبب يقتضيه إلى غير ذلك. وأنت تقدر على المناقشة فيها وإن لم يرجع إلى ما ذكرنا من الوجوه فراجع وتأمل حتى لا يختلط عليك الامر هذا ملخص الكلام في حكم السكوت وما في حكمه.
وأما الكلام في حكم الجواب بلا أدري ولا أعلم وشبههما فنقول انه قد اختلف فيه مقالتهم وكلمتهم وقبل الخوض في بيان الأقوال وأدلتها لا بد من تقديم أمر به يبين محل النزاع وهو ان في صورة الجواب بلا أعلم وشبهه لا يخلو إما أن يقترن (يقرن خ) المدعى دعواه بعلم المدعى عليه بالحال كأن يقول له مثلا لي عليك كذا وأنت تعلم به أو لا يقترنها (يقرنها خ) بما يدل على عدم (باعترافه بعدم خ) علم المدعى عليه بالحال كأن يقول