لا باعتبار الملازمة في طرف الوجود فهذا الامر العدمي مأخوذ في معنى الشرط وضعا بحيث يكون دلالته عليه بالمنطوق لا بالمفهوم كما في الالزام وغيره مما عرفت وهذا بخلاف الجملة الشرطية فإن دلالتها على هذا الامر العدمي على القول بها انما هو بالمفهوم لا بالمنطوق ومن هنا أورد بعضهم على من استدل لدلالة الجملة الشرطية على المفهوم بأن قولنا إن جاءك زيد فأكرمه بمنزلة قولنا الشرط في اكرامك زيدا مجيئه إياك بأن الانتفاء عند الانتفاء مأخود في مادة الشرط منطوقا فكيف يقاس الصيغة عليها (عليه خ) وإن كان هذا الايراد فاسدا لما ذكرنا في الأصول من أن مقصود المستدل بذلك هو تنزيل الصيغة منزلة المادة عرفا من حيث الدلالة على الانتفاء عند الانتفاء لا في جهة الدلالة حتى يرد عليه بما ذكر.
ثم إنه يمكن ارجاع كلام الشيخ وكلمات الباقين الظاهرة في كونه أمرا عدميا محضا إلى ما ذكرنا فإن مقصودهم من هذه الكلمات ليس اثبات كون المعسر أمرا عدميا بل هم مطبقون على كونه أمرا وجوديا بالمعنى الذي ذكرنا لكن لما تعلق الحكم عندهم في الشريعة بخصوص الامر العدمي الملحوظ فيه كما ستطلع عليه عبروا عنه به إذا عرفت ذلك علمت اندفاع الايراد الذي أورده شيخنا المتقدم ذكره على القول من أن العسر إذا كان أمرا وجوديا كيف يقال إنه موافق للأصل أو يثبت بالأصل باجرائه في طرف العدم مع عدم الاعتبار بالأصول المثبتة توضيح الاندفاع أن العسر وإن قلنا بكونه أمرا وجوديا لكنه ليس هو الوجودي بقول مطلق بل هو أمر وجودي باعتبار أمر عدمي حسبما عرفت تفصيل القول فيه فإن قلنا إن المناط في الأحكام الشرعية المترتبة على - الاعسار هو الامر الوجودي محضا أو مع الامر العدمي لاستقام ما ذكره شيخنا المتقدم ذكره لكن هذا خلاف التحقيق بل التحقيق عندنا وعند الأصحاب حسبما سيأتي تفصيل القول في المقام الثاني هو كون المناط في الأحكام الشرعية هو الامر العدمي المعتبر في ذلك الامر الوجودي فلا مانع حينئذ من اجراء الأصل في الاعسار عند الشك في هذا الامر - العدمي إذ لا يرد عليه شئ مما ذكره قدس سره كما لا يخفى والعجب مما ذكره أخيرا من العلم بانقطاع العدم الثابت أولا فإن غاية ما يمكن ادعاء العلم بالنسبة إليه هو انقلاب العدم إلى الوجود بقول مطلق وأما انقلاب تلك المرتبة الخاصة من العدم المعتبرة في العسر الملحوظة بالنسبة إلى المرتبة الواجد لها اليسر إلى الوجود بحسب العادة فكلا هذا مجمل القول بالنسبة إلى المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني فنقول بعد الاعتراف بكون العسر واليسر ضدين انه ليس الشرط في وجوب الانظار وحرمة المطالبة بحسب الشرع هو العسر باعتبار الامر الوجودي الملحوظ فيه حتى لا يمكن الحكم بوجوب الانظار عند الشك فيه من حيث الشك في تحقق شرطه حينئذ بل الحق ان اليسار شرط في جواز المطالبة فيحكم عند الشك فيه بعدم الجواز نظرا إلى أصالة عدم تحقق شرطه وهو اليسار والدليل على ما صرنا إليه بعد القطع بعدم ترتب الأحكام الشرعية على ذلك الامر الوجودي حسبما عرفت الإشارة إليه بل على العسر باعتبار أمر عدمي هو عدم الشرط الذي هو اليسار قوله تبارك وتعالى فإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة توضيح الدلالة ان صدر الآية هو قوله وإن كان ذو عسرة ظاهر في كون الاعسار شرطا بل سببا بمقتضى القضية الشرطية لوجوب الانظار والامهال وحرمة المطالبة لكن يحتمل أن يكون شرطيته لذلك باعتبار الامر الوجودي المعتبر فيه فيدل على مطلب الخصم أو باعتبار الامر العدمي المعتبر فيه فلا يدل على مطلبه بل يدل حينئذ على مطلبنا ولكن ذيل الآية وهو قوله تعالى فنظرة إلى ميسرة كالصريح في كون الشرط في جواز المطالبة هو اليسار بمقتضى الغاية فهو معين لاحد الاحتمالين في جانب الصدر فيكون الآية حينئذ دليلا على كون الشرط في جواز المطالبة هو اليسار المستلزم