يمكن أن يقال إن مقتضى اطلاق الروايتين عدم اعتبار الكتابة ولو بعد رفع الاحتمالات الأربعة وفيه أنه لا اطلاق للروايتين بالنسبة إلى الفرض لأنهما مسوقتان لبيان حكم الكتابة الغير المعلوم كونها من الحاكم كما يشهد عليه ذيلهما حسبما هو ظاهر لكل من أعطى حق النظر فيه لكن مع ذلك في الحاق الكتابة بالقول إشكال فتبين لك من جميع ما ذكرنا ما هو المقصود من الروايتين أيضا فلا نطيل بالبيان.
فالأولى نقل الكلام إلى الموضع الثاني فنقول أما القول فقد نسب إلى المشهور القول باعتباره وصرح الشيخ في الخلاف على ما حكاه المصنف عنه بعدمه وتردد في المتن واستدل لما ذهب إليه المشهور بوجوه.
أحدها ما ذكره في المسالك من أن ما دل على اعتبار الشهادة على الحكم في المقام يدل على اعتبار اخبار الحاكم بالأولوية حيث قال بعد نقل الخلاف في المقام ما هذا لفظه والأصح القبول لما سيأتي إن شاء الله من جوازه مع الشهادة على حكمه فمع مشافهته أولى انتهى وفيه منع الأولوية وفساد القياس وانه مع الفارق لان اعتبار الشهادة من حيث إنها بينة شرعية وأين هذا من اعتبار خبر الواحد.
ثانيها ما حكاه الأستاذ العلامة عن الفخر في الايضاح من أن من يكون فعله ماضيا يكون قوله ماضيا أيضا ذكره في مسألة ما لو تنازع الولي مع المولى عليه بعد ارتفاع ولايته وفيه منع الدليل على هذه الملازمة فالأصل يقتضي عدم اعتبار قوله.
ثالثها ما استدل به بعض المشايخ من أن وقوع الحكم لا يعرف إلا من قبله فيدل على سماع قوله فيه كل ما دل على سماع قول المدعى في أمثال المقام وفيه ما لا يخفى لأنا نمنع من أن وقوع الحكم من الحاكم لا يعرف إلا من قبله وهو أعرف به وصحة هذا المنع ظاهرة لكل من له أدنى مسكة.
رابعها ما ذكره جماعة من أن مقتضى ما دل على كون الحاكم حجة على الخلق وان الراد عليه راد على أئمة الهدي (عليهم السلام) اعتبار اخباره عن حكمه ووجوب سماع قوله فيه وفيه أنه ليس معنى ما ذكر كون الحاكم واجب الاتباع في جميع الأشياء وانه يحرم رده فيها لان هذا مخالف للاجماع بل الضرورة وإلا لزم حجية اخباره عن كل شئ فلو أخبر بأن هذا الدار مال زيد لا من باب الحكم بل من باب الشهادة وجب تصديقه فيه وعدم الاحتياج إلى شاهد آخر بل المراد من الرواية وجوب متابعته فيما يحكم به أو يفتي به ويحرم رده فيهما وأين هذا من حجية اخباره بوقوع الحكم سابقا وهذا الذي ذكرنا أمر ظاهر لا يريب فيه كل من تأمل في الرواية بل نظر إليها من دون تأمل فإن الرواية ظاهرة فيما ذكرنا غاية الظهور.
خامسها ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله العالي من أنه يدل على اعتباره القاعدة المشهورة من ملك شيئا ملك الاقرار به وهي قاعدة اجماعية مسلمة بينهم قد بنوا عليها فروعا كثيرة متفرقة في أبواب الفقه وفيه أن هذا الوجه وإن كان أحس من الوجوه السابقة عليه إلا أنه لا يفي بتمام المقصود ولا يجري في جميع الصور لأنه إنما يرجى فيما لو كان الحاكم مالكا للحكم حين الاخبار به وأما لو لم يكن مالكا له في زمن الاخبار سواء كان من جهة عدم قابليته بنفسه كما لو أخبر حين العزل أو بعد الفسق أو نحوهما أو من جهة عدم قابلية - المورد كما لو رجع الشاهدان قبل الاخبار عن الشهادة أو فسقا قبله فإنه ليس للحاكم إن شاء الحكم من جهة عدم الميزان الشرعي فلا تدل القاعدة على اعتبار قوله واخباره وتتميم المدعى فيما لا يجري فيه القاعدة بالاجماع المركب أو عدم القول بالفصل فيه ما لا يخفى على المتأمل فليتأمل.
والقول بأنه لا يشترط في صدق القاعدة كون المقر مالكا حين الاقرار بل يكفي في صدقها كونه مالكا