بالنسبة إلى الحاكم أيضا وقد عرفت المنع عن جريان الاستصحاب في المقام من حيث رجوع الشك في المقام إلى الشك في أصل السببية والتأثير من أول الأمر لا في ارتفاعها برافع بعد القطع بثبوتها واقتضائها الدوام لو لم يمنع مانع وعن شمول الأدلة بالنسبة إلى نفس الحاكم وما يقال في توجيه الاستصحاب من أن شك في المقام نظير الشك في النسخ للحكم الشرعي فإن الطرق الظاهرية مثبتة للتكليف فالشك فيه يرجع إلى الشك في رفع الاستمرار فاسد جدا لظهور الفرق بين ما نحن فيه وبين مسألة النسخ فإن مؤدى جعل الطرق هو البناء عليها لما لم ينكشف الخلاف فإذا انكشف الخلاف لا بد من البناء على عدمها من أول الأمر حسبما هو قضية الطريقية فما نحن فيه نظير فسخ العقد من أول الأمر لا فسخه من حين وقوع الموجب له كما هو في بعض الموارد هذا مجمل القول في حكم صور المسألة وقد فصلنا القول في بعضها فيما كتبنا في الأصول في مسألة الاجتهاد والتقليد وعليك بالتأمل فيما أجملنا هنا لعلك تظفر على ما وقع من الخلط والاشتباه من جماعة والله العالم وهو الهادي.
قوله الرابعة ليس على الحاكم تتبع حكم من قبله الخ أقول الكلام في المسألة يقع في ثلاث مقامات الأول انه لا يجب على الحاكم تتبع حكم من كان قبله الثاني انه لا يحرم عليه التتبع وإن لم يزعم المحكوم عليه انه حكم الحاكم عليه بجور الثالث في وجوب النظر عليه إذا ادعى المحكوم عليه ان الحاكم حكم عليه بجور من دون تكليفه بالبينة.
أما الكلام في المقامين الأولين فيدل على الجواز فيهما مضافا إلى ظهور الاجماع أصالة البراءة عن الوجوب والحرمة مضافا إلى أصالة حمل فعل المسلم على الصحة في الأول هذا ولكن قد يتوهم حرمة النظر من دون ادعاء المحكوم عليه الحكم بالجور من حيث استلزامه الفحص والتفتيش عن عيون الناس وجه الملازمة انه مستلزم للتفتيش عن فسق الحاكم وهو محرم بالكتاب والسنة لكنك خبير بفساد هذه التوهم أما أولا فللمنع من كون مجرد التفتيش عن الواقع فحصا عن عيب أحد وثانيا سلمنا كونه مستلزما للفحص عن خطأ الحاكم في اجتهاده لكنه ليس الخطأ في الاجتهاد عيبا بعد فرض معذورية المجتهد فيه وإن سمى مجرد الخطأ في الاجتهاد عيبا نمنع كون الفحص عن كل عيب حراما حتى مثل هذا العيب فإن قيل نفرض الكلام فيما إذا اطلع بعد الفحص على فسق الحاكم بتقصير في اجتهاده قلنا أولا ان مجرد الاطلاع على الفسق أحيانا لا يسمى فحصا عن الفسق كما لا يخفى إذا لفحص عن شئ لا يطلق إلا إذا كان غرض الشخص من أول الأمر بالفحص الوصول إليه وثانيا سلمنا كونه فحصا عن العيب لكن نمنع من كون الفحص عنه في المقام حراما بل هو نظير الفحص عن أحوال الرجال والشهود وغيرهما.
وأما الكلام في المقام الثالث وهو وجوب النظر عليه من دون مطالبة البينة من المدعي فقد استدل له مضافا إلى ظهور الاجماع وعدم الخلاف بأن دعواه الجور دعوى لا دليل على عدم سماعها فيشملها اطلاق ما دل على قبول كل دعوى من مدعيها فحيث لا يجب عليه إقامة البينة فتوقف على النظر فيجب عليه فيقبله إن كان حقا و يرده إن كان باطلا على التفصيل الذي سمعته إما عدم وجوب إقامة البينة عليه فاما من جهة ان المورد مما لا يطالب فيه البينة من حيث اختصاصها بالشبهة الموضوعية ومفروض الكلام في الشبهة الحكمية كما هو الظاهر ممن تعرض لحكم المسألة واما من جهة عدم سماع البينة فيه وإن أقيمت من حيث رجوع الشهادة على الجور إلى الشهادة على الحكم كما في الشهادة على تحقق الرضاع المحرم وغيره وقد ذكرنا في غير مورد عدم سماع الشهادة إذا أقيمت على ما يتضمن الحكم لان من شأن الشاهد الشهادة على تحقق الموضوع وأما الحكم فهو شأن الحاكم ويمكن أن يقال في