ولكن يمكن الخدشة في هذا الجواب بأنه ليس هنا لفظ يفيد العموم أو الاطلاق حتى يجري بالنسبة إليه ما ذكر وإنما الموجود في المقام نقل فعل ينزل منزلة اللفظ المطلق من حيث وقوعه مقام الجواب وأنه لو كان هناك شئ آخر لأورده الإمام (عليه السلام) وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة فإذا فرض عدم صحة الحكم بمجرد الامتناع حسبما هو قضية الاجماع المسلم تحققه فلا بد إما من الحكم بعدم كون الحاجة إلا تعليم كيفية حلف الأخرس فقط حتى يكون القضية بالنسبة إلى امتناعه عن الحلف مهملة أو بتعليم الإمام (عليه السلام) ما يتوقف عليه القضاء بعد الامتناع من الخارج لو كان كل من التقديرين موردا للحاجة حتى لا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا معين لكون ما علمه خصوص الرد أو هو مع حلف المدعي فيكون الرواية حينئذ غير وافية للدلالة على المدعى كما لا يخفى.
فتحصل مما ذكرنا أن الأولى الايراد على الاستدلال بالصحيحة بعد قيام الاجماع على عدم جواز القضاء بمجرد الامتناع بما قد عرفته من عدم وجود اطلاق لفظي في المقام حتى يتمسك به في دفع الزايد وإنما الموجود فيه نقل فعل ينزل منزلة الاطلاق من حيث اقتضاء الحكمة فإذا فرض قيام الاجماع على عدم جواز القضاء بما نقله الإمام عليه السلام فلا بد من التزام أحد شيئين لا دلالة بشئ منهما على المدعي أصلا كما لا يخفى هذا ما خطر ببالي الفاتر ونظري القاصر وأنت بعد التأمل تجده حقيقا بالقبول إن شاء الله هذا.
ولكن قد أجاب بعض أفاضل المتأخرين على ما حكي عنه عما أوردوا على الرواية والموثقة المتقدمة من لزوم التقدير وعدم تعيين المقدر بانا لا نحتاج إلى التقدير أصلا بل نعمل بمقتضى ظاهر الروايتين من كون الامتناع عن الحلف سببا لالزام المنكر بالحق ولا نسلم قيام الاجماع على اعتبار شئ آخر حتى يقال إنه لا يعلم أنه عدم الرد أو الحلف لان غاية ما انعقد عليه الاجماع كون رد اليمين من المنكر مانعا من إلزامه بالحق بمجرد عدم حلفه فإذا لم يتحقق المانع فيؤخذ بالمقتضي وهذا هو القدر الخارج من الروايتين بالاجماع ولا قاضي لتقدير أمر آخر حتى يشكل الامر لأن عدم الرد حينئذ لا ينفك عن الامتناع المجامع لانتفاء رد اليمين من المنكر هذا ملخص ما حكي عنه فإن رجع إلى ما ذكرنا من حديث الاطلاق والتقييد فهو وإن لم يرجع إليه حسبما هو ظاهر كلامه فلا معنى له ويظهر وجهه بالتأمل فتأمل.
وقد سمعت من الأستاذ إفادته كلاما لا يخلو ايراده عن فائدة وهو أنه قال إنه يمكن تقييد - الاطلاقات المذكورة على تقدير تسليمها بما دل على القضاء باليمين المردودة من المنكر بأن يقال إن المستفاد منه هو انه لا من رد اليمين إلى المدعي على تقدير عدم حلف المنكر ولا خصوصية لرد المنكر بنفسه وأنت خبير بتطرق المنع إلى هذه الاستفادة فتدبر.
ثم إن هنا أمرين ينبغي التنبيه عليهما أحدهما انه ذكر جمع ممن مال إلى القضاء بالنكول منهم - الشهيد الثاني رحمه الله أن الأحوط والأولى رد اليمين إلى المدعي خروجا عن شبهة من خالف وأنت خبير بأن هذا الكلام إنما يصح فيما إذا علم الحاكم بحلف المدعي بعد الرد وإلا فلا احتياط في الرد لتعارضه مع احتمال نكول المدعي فيلزم الحكم عليه ثانيهما ان ما ذكر هنا من أنه يحكم بنكول المنكر بعد امتناعه عن الحلف والرد أو ترد اليمين إلى المدعي ثم يحكم بعد حلفه وما ذكرنا سابقا في مسألة تخيير المنكر بين الحلف والرد إنما هو إذا تمكن من رد اليمين إلى المدعي وأما إذا لم يتمكن من ذلك وضابطه أن لا يجوز للمدعي الحلف كما في