من دون يمين قد نقل عليه الاجماع من جماعة وعدم الخلاف من آخرين والظاهر أنه كذلك هذا.
وذكر في المسالك بعد نفي الخلاف ما هذا لفظه والوجه في قبول قوله في هذه المواضع ان الحق بين العبد وبين الله ولا يعلم الا من قبله غالبا انتهى وهو كما ترى غير مبين المراد فإن كان المراد ان في هذه المواضع لا خصومة لغير المدعي معه لان الحق من حقوق الله تبارك وتعالى ولم يأذن في أخذه فهو وإن كان على تقدير ثبوته موجها حسبما ذكرنا من أن سماع قول المدعي من دون يمين فيما لا خصومة معه حقيقة لا يحتاج إلى دليل إلا أن الاشكال في ثبوته لامكان ان يدعى كون الزكاة حقا للناس في الجملة فتأمل وإن كان المراد ان الحق فيها وإن كان من حقوق الناس لكن لما تعسر على المدعي إقامة البينة عليه لأنه لا يعلم إلا من قبله كما يشعر به قوله ولا يعلم إلا من قبله غالبا فيجب سماع قوله لذلك ففيه ان تعسر إقامة البينة لا يقتضي سقوط اليمين التي قضت بلزومها العمومات الحاصرة غاية الأمر ان يقتضي سقوط البينة هذا.
ولكن يمكن أن يستدل للحكم المذكور في الفروع المذكورة غير الأخير منها بما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من امره الجابي بالرفق والمدار مع من يذهب إليهم ليؤخذ الزكاة منهم وسماع قولهم بأداء - الزكاة أو عدم تعلقها بمالهم فراجع إليه وتأمل فيه. وقد أكثر في المسالك وغيره من الكتب من الفروع التي يسمع فيها قول المدعي من دون يمين لكن لا دخل لكثير منها بما نحن في صدده من سماع قول المدعي في مورد الخصومة وجعله ميزانا للقضاء فراجع إليها حتى تشاهد صدق ما ذكرنا وبعضها منظور فيه كقبول قول - الأمين في الرد وان نسبه في المسالك إلى المشهور وبعضها خارج عما نحن فيه كقبول قول المدعي مع نكول خصمه بناء على القضاء بالنكول فإنه انما هو من جهة القضاء بالنكول لامن جهة سماع قول المدعي والقضاء به من دون احتياج إلى شئ إلا أن يراد بالسماع أخذ المدعى عليه بعد الدعوى ولو كان من جهة أمر آخر فتأمل وعليك بالتدبر فيما ذكروه من الفروع وانطباقها على ما ذكرنا من الأصول وهو غاية المأمول ونهاية المسؤول والمرجو في كل أمور.
ثم إن هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها وإن لم يكن لها كثير ارتباط بالمقام.
الأول انه هل يجوز للمدعي فيما لا سلطنة له على احلاف المنكر إما من جهة عدم وجود حاكم الشرع أو عدم دعوى العلم فيما يشترط فيه دعوى العلم على القول به أو من جهة فقدان غيرها من الشرايط ان يتوصل إلى حلف المنكر ويلزمه به بالمصالحة معه عليه أو اشتراطه في عقد لازم ويترتب عليه آثار الحلف أو لا يجوز له ذلك وجهان أوجههما عند الأستاذ العلامة وجماعة من المحققين منهم الفاضل القمي هو الثاني وربما يجري على لسان بعض مشايخنا المتأخرين الأول والوجه هو الأول.
ونحن نورد الكلام في حكم خصوص الصلح وعليك بقياس غيره عليه واستنباط حكمه منه.
فنقول بعون الملك العلام ان تنقيح المرام في المقام يحتاج إلى بسط في الكلام وهو انه لا يخلو إما ان يصالح المدعي المدعى على حلف المنكر أو الدعوى عليه وعلى كل من التقديرين إما ان يراد من المصالح عليه حلف المنكر من حيث كونه ميزانا للقضاء ومسقطا لحق المدعي أو حلفه من حيث كونه فعلا سائغا له شرعا كما إذا صالح عليه في غير مقام الخصومة كما إذا أخبرك شخص بموت زيد مع تعلق غرض لك بموته فتصالح المخبر بشئ على أن يحلف لك بموته ليحصل لك الاطمينان بموته فالصور أربعة والحكم في جميعها ما ذكرناه.
أما الوجه في الصورة الأولى من الصور الأربع وهي أن يصالح المدعي حقه على حلف المنكر من حيث