إلى غير ذلك من الروايات ثم إن شمولها للأجرة واضح وأما الجعل فالظاهر شمولها له أيضا بناء على أن الاجر في العرف يشمل الجعل وإن كان بينهما فرق عند المتشرعة هذا كله إذا كان القاضي غنيا أو لم يتعين عليه القضاء.
وأما إذا تعين عليه القضاء وكان فقيرا فربما يقال بجواز أخذ الأجرة من المتحاكمين نظرا إلى أن منعه من الاخذ يؤدي إلى العسر الشديد والضرر المنفيين بل ربما يؤدي إلى التكليف بما لا يطاق لكن يمكن منعه بأن الواجب حينئذ على جميع المسلمين ان يتكفلوا مؤنته من غير أن يجوز له أخذ الأجرة والجعل من - المتخاصمين فتأمل ثم إنه قد فصل في لف فجوز أخذ الجعل والأجرة مع حاجة القاضي وعدم تعين القضاء عليه ومنع منه في غير تلك الصورة وأما اعتبار عدم الغناء فلظهور الأخبار الواردة في المنع بصورة الغناء وأما عدم التعين فلما تقرر عندهم من عدم جواز أخذ الأجرة على الواجبات العينية وقد يستدل أيضا على الحرمة في المقام بما ورد في باب الرشوة بناء على الدعوى المتقدمة وقد عرفت منع شمولها لمطلق العوض على القضاء هذا كله في أخذ الأجرة والجعل من المتخاصمين.
وأما المقام الرابع وهو أخذ الرشوة على القضاء فالظاهر عدم الريب في حرمتها وفي جامع المقاصد ولك ان على تحريم الرشوة اجماع المسلمين ويدل عليه مضافا إلى الاجماع بقسميه ما ورد في الأخبار المستفيضة من كونه كفرا بالله أو شركا مثل قوله في رواية العمار المتقدمة وأما الرشاء في الاحكام يا عمار فهو الكفر بالله العظيم ومثلها رواية سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وفي رواية يوسف بن جابر لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له ورجلا خان أخاه في امرأته ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسئلهم الرشوة وفي بعض الروايات انه لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الراشي والمرتشي إلى غير ذلك من الروايات الواردة في ذلك البالغة حد التواتر ولو لم يكن في المسألة إلا الاجماع من المسلمين والضرورة من الدين لكفى في المسألة دليلا مع ما عرفت من دلالة الروايات عليه أيضا فلا إشكال إذا في حرمة الرشوة على القضاء سواء حكم للراشي أو عليه لاطلاق ما عرفت من الروايات.
إنما الاشكال في بيان حقيقة الرشوة والمراد منها حيث إن كلمات الأصحاب بل اللغويين مضطربة فيه قال في جامع المقاصد ان الجعل من المتحاكمين رشوة وقال في حاشيته له على ما حكي عنه الرشوة ما يبذله المتحاكمان وهو صريح الحلي أيضا في مسألة تحريم أخذ الرشوة وظاهر بعض مشايخنا عدم الارتياب في شمولها لمطلق ما يبذله المتحاكمان ولو بعنوان الجعالة والأجرة وحكى عن القاموس تفسير الرشوة بالجعل ولكن عن مجمع البحرين قلما يستعمل الرشوة إلا فيما يتوصل به إلى إبطال حق أن تمشية باطل وعن المصباح هي ما يعطيه الشخص للحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد وعن النهاية انها الوصلة إلى الحاجة بالمضايقة والراشي الذي يعطي ما يعينه على الباطل والمرتشي الاخذ والراشي هو الذي يسعى بينهما ليزيد لهذا أو ينقص لهذا وقال بعض الشيوخ في شرحه على القواعد على ما حكي عنه في الجواهر انها ليست مطلق الجعل كما في القاموس بل بينها وبين الاجر والجعل عموم من وجه ولا البذل على خصوص الباطل كما في النهاية والمجمع ولا مطلق البذل ولو على خصوص الحق بل هو البذل على الباطل أو على الحكم له حقا أو باطلا مع التسمية (التهمة خ) وبدونها انتهى كلامه وهذه الكلمات كما ترى تنادي باختلافهم في موضوع الرشوة ومعناها.
والذي يقتضيه النظر الدقيق ويساعد عليه العرف عدم عموم للرشوة بحيث يشمل الجعل والأجرة