كان الافرازان متعددين إلا أن من المعلوم ضرورة ان افراز نصيب الشريك الثاني من اللوازم القهرية لافراز نصيب الشريك الأول ضرورة عدم تعقل الانفكاك بينهما بحسب الوجود وإن لم نقل بكون أحدهما عين الآخر وقد عرفت سابقا ان ما لا ينفك عقلا عن المستأجر عليه ويترتب عليه قهرا لا يجوز للأجير أخذ الأجرة عليه لأنه لا يملكه فيكون أكلا للمال بالباطل فالمناط الذي اقتضى عدم جواز أخذ الأجرة وفساد الإجارة على تقدير القول بالعينية فهو بعينه موجود على تقدير القول بعدمها فافهم فظهر مما ذكرنا كله عدم اندفاع الاشكال المذكور بالوجوه المذكورة فإن كان هناك اجماع على الحكم بصحة كلا العقدين فهو وإلا فالحكم بالصحة لا يخلو عن اشكال بل منع هذا مجمل القول في المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو ان كل مورد كانت الأجرة عليهما وكان نصيب أحدهما في المال المشترك أزيد من نصيب الآخر فهل هي بالحصص أو بالرؤس سواء كانت الأجرة أجرة المثل أو المسمى فالذي نفى الخلاف عنه بيننا كونها بالحصص نعم في القواعد احتمال كونها بالرؤس وقد وافقنا فيه أكثر العامة وذهب أحمد بن حنبل منهم إلى كونها بالرؤس.
وليعلم ان محل الكلام أولا حسبما صرح به الأستاذ العلامة في أثناء البحث ويستفاد من كلماتهم هو ما إذا لم يكن العمل مختلفا بحسب الكم كما في المثليات التي يلاحظ القسمة فيها بحسب الكيل والوزن فإنه لا إشكال في كون الأجرة بالرؤس لتعدد العمل في الخارج حينئذ فإنما هو فيما إذا كان اختلاف العمل بحسب الكيف مع وحدته بمعنى كون النفع العايد منه لاحد الشريكين أزيد من النفع العايد للشريك الآخر لا من جهة الاختلاف في كمية نصيبهما كثرة وقلة.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الحق ما ذهب إليه الأصحاب رضوان الله عليهم ويدل عليه ما أشرنا إليه في طي بعض كلماتنا السابقة من أن مملوكية العمل واحترامه إنما هو بحسب المنافع العايدة منه والفوائد والثمرات المرتبة عليه وإلا فنفس الفعل الذي عبارة عن مجموع الحصولين من الحركة والسكون أو الخروج من القوة إلى الفعل مع قطع النظر عن المنافع ليس شيئا يعرضه الملكية فكل من الشريكين في الفرض قد ملك العمل بقدر - المنفعة العايدة منه إليه فكل منهما يجب عليه الأجرة على العمل بحسب ما استوفى منه من المنافع فالعمل و إن كان واحدا في الخارج إلا أنه غير مساو بالنسبة إليهما من حيث المنفعة والنتيجة المقصودة منه فإذا لا بد من أن توزع الأجرة على الحصص لا على الرؤس هذا.
وقد استدل للمختار بوجهين آخرين أحدهما ما حكي عن الشيخ في الخلاف من انا لو وزعناها على قدر الرؤس ربما أفضى إلى ذهاب المال كان يكون بينهما لأحدهما عشر العشر سهم من مئة سهم والباقي للآخر و يحتاج إلى أجرة عشرة دنانير على قسمتها فيلزم من له الأقل نصف العشر وربما لا يساوي سهمه دينارا واحدا فيذهب جميع المال وهذا ضرر والقسمة وضعت لإزالة الضرر فلا يزال أعظم منه انتهى المحكي عنه وفيه أن هذا مجرد اعتبار لم يدل على اعتباره لان عمل المسلم محترم وإن فرض اجرته زايدة على ما عاد إلى المعمول له من المنافع كما إذا كان في العمل مشقة كثيرة توجب زيادة الأجرة والقول بأن تلك الإجارة فاسدة من جهة كونها سفهية جدا.
أما أولا فلانا نفرض الكلام في أجرة المثل وأما ثانيا فلانا نفرض تعلق غرض عقلائي بالاقدام على تلك الإجارة بحيث يخرجها عن السفهائية هذا مضافا إلى أن الحكم بفساد الإجارة من حيث السفاهة لا دخل له