خلاف أيضا في عدم ثبوت الحكم فيه بل يمكن أن يقال بانصراف ما دل على القضاء على الغائب إلى غيره وقد يعلل بابتنائه على التخفيف لاستغنائه تعالى عنه والمقصود من هذا الكلام ان الحكم على الغائب لما كان على خلاف الأصل فيقتصر فيه على ما لو لم يحكم فيه لزم ابطال الحقوق والضرر كثيرا على المحكوم له وهو ليس إلا حق الناس وأما حق الله فلا بد أن يراعى فيه الاحتياط من جانب المحكوم عليه لعدم ضرر على صاحب الحق فيه لاستغنائه عن جميع ما سواه وإن كان من الثالث فلا إشكال فيه أيضا في ثبوت الحكم بالنسبة إلى حق الناس وعدم ثبوته بالنسبة إلى حق الله جمعا بين الاحتياطين وإعمالا للأصلين هذا وقد أشكل المصنف في المتن في - الحكم بعدم القطع في الشهادة على السرقة مع الحكم بالغرم لكونهما معلولي علة واحدة فإن ثبتت السرقة بالبينة لا بد من الحكم بهما وإلا فلا داعي للحكم في الآخر أيضا وفيه نظر لا يخفى وجهه على المتأمل وفي مسالك الأفهام ان باقي الأصحاب قطعوا بالغرم وانتفاء القطع نظرا إلى وجود المانع من الحكم في أحدهما دون الآخر وتخلف أحد المعلولين لمانع واقع كثيرا ومنه ما في هذا المثال لو أقر بالسرقة مرة فإنه يثبت عليه المال دون القطع ولو كان المقر محجورا عليه في المال يثبت الحكم في القطع دون المال والأصل فيه أن هذه ليست علة حقيقية وإنما هي معرفات الاحكام انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه وقد أجاد فيما أفاد وجاء على طبق المراد فجزاه الله عنا وعن الاسلام خيرا.
وينبغي التنبيه على أمور الأول انك قد عرفت من تضاعيف ما ذكرنا في القضاء على الميت الحاق الغائب به بملاحظة العلة المنصوصة في عدم سماع البينة عليه إلا بعد انضمام الحلف إليها ففي كل مورد يقضى عليه لا بد من انضمام اليمين وهذا مما لا إشكال فيه بناء على ما أسلفنا وهكذا الكلام في القضاء على الممتنع من الحضور أو المتعذر عليه لعين ما ذكرنا في الغائب فراجع.
الأمر الثاني انه لا إشكال في كون الحكم على الغائب كالحكم على الحاضر في نفوذه على غير المدعى عليه أيضا في الجملة وهل ينفذ على من ادعى ما أدعاه المدعي على الغائب وأقام البينة عليه بمعنى انه لا يحتاج إلى إعادة البينة فيكون هو بمنزلة الغائب أو لا ينفذ فيكون بمنزلة الدعوى الجديدة مع المدعي أو فيه تفصيل بين من يكون مدعيا فعلا من المدعي كما لو تداعى رجلان في زوجية امرأة غايبة وأقام أحدهما البينة عليها أو مدعيا شأنا كما لو ادعى شخص ملكية شئ على الغائب وأقام البينة عليها ثم جاء شخص آخر وادعى ملكيته أيضا فيكون على الأول كالأول أي في حكم الغائب المدعى عليه وإن كان حاضرا وعلى الثاني كالثاني وهذا هو الوجه الوجيه الأحرى بالاتباع والأولى في الاعتبار ويظهر وجهه بالتأمل.
الثالث ان فيما يقوم البينة عليه ويحكم فيه للشخص هل حكمه حكم القضاء على الغائب في كونه مراعى أو حكمه حكم القضاء على الحاضر في عدم كونه مراعى وجهان أوجههما الأخير ويظهر وجهه بالتأمل فتأمل.
الرابع ان كل مورد حكم فيه على الغائب بالبينة واليمين فهل يعاد اليمين بعد حضوره وادعاء الابراء مع عدم البينة كما هو ظاهر الشهيدين في الدروس والروضة أو لا تعاد كما هو ظاهر جماعه منهم الشيخ في المبسوط حيث ذكر أنه لو قال الغائب بعد حضوره فاحلفوه لي انه ما قبض قلنا قد استحلفناه الأقوى لا وقد تقدم تفصيل الكلام فيه فيما ذكرنا سابقا فراجع.
قوله لو كان صاحب الحق غائبا وله وكيل فطالب الوكيل الغريم بما عليه الخ أقول قد ذكرنا بعض الكلام في