إلا بطيب نفسه مع أنه لو كان منه بيان مجرد الحكم التكليفي لكان دالا على المقصود أيضا كما ستسمع فتدل الرواية على أن بدون رضاء الشريك لا يصير ماله للشريك الآخر لأنك قد عرفت أن القسمة يلزمها عقلا انتقال بعض من مال كل من الشريكين إلى الآخر وإن لم تكن معاوضة بل ولا إن شاء الانتقال بل هو تميز جعلي يلزمه عقلا الانتقال المذكور ثالثها قوله (عليه السلام) في بعض الأخبار لا يجوز لاحد أن يتصرف في مال غيره إلا بإذنه فإن عدم جواز التصرف يلزمه عدم تحقق الانتقال بالأولوية القطعية لأنه مستلزم لارتفاع أصل المالية فيدل بالأولوية على أن الشارع لم يشرع فعلا به يخرج مال الغير عن ملكه بدون رضاه وينتقل إلى غيره فتأمل لكنها أيضا قد ثبت شرعيتها في الجملة بالاجماع المحقق الذي لا يرتاب في تحققه من راجع إلى كلماتهم وهذا الذي ذكرنا كله مما لا إشكال فيه أصلا.
إنما الاشكال في المقام فيما تمسكوا به لشرعيتها من قوله الناس مسلطون على أموالهم وقوله لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وقد شاع التمسك بهما لشرعيتها بينهما بحيث أرسلوا دلالتهما عليها إرسال المسلمات من غير اشكال من أحد منهم فيه ممن وقفت على كلامه.
وإلى الاستدلال بالأول يرجع قول المصنف لان الانسان له ولاية الانتفاع بماله وقول الشيخ في المبسوط فمتى دعى واحد منهم إلى القسمة وأبى الباقون أجبر الممتنع منه عليها لان من كان له ملك كان له أن يتشبث إلى ما يفيده الانتفاع الكامل والتصرف التام فيه انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
ولله در الأستاذ العلامة دام ظله العالي حيث فتح باب الاشكال فيهما وسد طريق الاستدلال بهما للحكم المذكور.
أما في الأول فمن وجهين أحدهما ان الرواية إنما تدل على تسلط الناس على التصرف في أموالهم بالنسبة إلى جميع التصرفات من بيعه وهبته وإجارته إلى غير ذلك لكنها لا تدل على تسلطهم على مال الغير وقد عرفت أن القسمة يلزمها انتقال جزء من مال كل من الشريكين إلى الآخر فالشريك مسلط على التصرفات التي هي تصرف في أصل المال كبيع نصيبه وهبته إلى غير ذلك من أشباههما مما لا يستلزم التصرف في مال الغير.
فالحاصل ان المالية في الشركة غير قابلة للتصرف فيها بالتصرف المذكور لاستلزامه التصرف في ملك الغير فمنع كل من الشريكين من التصرف المذكور ليس حجرا للمالك عن التصرف في ملكه لان ملكه غير قابل للتصرف المذكور ثانيهما النقض بتسلط الشريك الممتنع عن القسمة عليه لأنه أيضا مسلط على ماله واجباره على القسمة حجر له عنه فتأمل.
وأما في الثاني فبأنه إنما يدل على عدم تشريع كل ما كان فيه ضرر لا على تشريع كل ما كان فيه نفع ومن المعلوم ان منع الشريك من القسمة ليس موجبا للضرر عليه لان ماله في الأصل ناقص غير قابل الانتفاع به بجميع الانتفاعات فهذا قصور منه وإنما هو موجب لمنع حصول كمال له بالقسمة ومن المعلوم ان الحديث لا يدل على عدم جوازه مع أنه لو فرض هناك ورود ضرر عليه لم يجز التمسك لرفعه باثبات جواز القسمة بما دل على نفي الضرر في الشريعة لأنه ضرر دخل عليه من جهة نقص في ماله والحاصل ان الرواية إنما تدل على نفي الضرر في الاسلام لو يمكن (أمكن خ) التخلص منه وفي المقام لا يمكن من حيث إن مالية المال غير قابلة لان يدفع منها الضرر فإن ماليته إنما هي بحسب الإشاعة والمالية بحسب التعيين ماهية مغايرة واقعا للمالية في المال المشاع فلا يجوز التمسك بالرواية على تجويز الشارع القسمة قهرا على الشريك المستلزم لاخراج جزء من ماله عن ملكه