هي ان الجمع في الروايات إنما هو بحسب الإرادة وجعل إحدى الروايات قرينة لبيان المراد عن (من خ) الأخرى وفي المقام بحسب المضمون لكنهما مشتركان في إعمال أدلة الحجية بالنسبة إلى كل من المتعارضين وبالجملة ما نحن فيه نظير الحكم بتقديم بينة الجرح على التعديل من حيث استناد الثانية على الأصل والأولى على الحس لا يقال مرجع الترجيح الذي سميته بالجمع في المقام إلى تخطئة إحدى البينتين ولو من جهة خطأ مستندها فكما أن مقتضى الأدلة تصديق البينة مهما أمكن كذلك مقتضاها عدم تخطئتها مهما أمكن ولا ترجيح لرفع اليد عن مقتضى أحدهما والعمل بمقتضى الآخر.
لأنا نقول التخطئة من جهة خطأ المستند الشرعي ليست تخطئة دل الدليل على عدم جوازها مهما أمكن وبعبارة أخرى الخطأ الذي قضية الأصل عدمه هو خطأ المخبر في اخباره من حسه وأما خطأ المستند الشرعي الذي استند إليه في اخباره فليس حقيقة تخطئة له لان خطأ المستند له بخطأ المخبر وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه عند ذوي الأفهام المستقيمة هذا ملخص ما أفاده الأستاذ العلامة.
وأما الكلام في المقام الثاني فتحقيق القول فيه يقتضي بسطا في المقام فنقول بعون الملك المتعال ان البينتين لا يخلو أمرهما من صور أربع لأنهما ان تكونا مطلقتين أو مقيدتين أو بينة الخارج مقيدة والداخل مطلقة أو العكس لا إشكال بناء على ما ذكرنا كما عليه المشهور أيضا من عدم سماع بينة الداخل في مقابل بينة الخارج في صورة التعارض في غير الصورة الأخيرة.
وأما هي فالذي عليه الأكثر كالشيخ في كتابي الاخبار والمبسوط والقاضي والطبرسي والفاضلين والشهيدين حسبما حكى عنهم والمصنف بل حكى عن الأول نفي الخلاف عنه كون بينة الداخل مقدمة على بينة الخارج سواء كان التقييد بما لا يتكرر كالنتاج ونحوه أو بما يتكرر كالبيع ونحوه والمحكي عن ابن إدريس رحمه الله في - السرائر ومقتضى اطلاق بمقتضى جماعة بتقديم بينة الخارج كما عن الصدوقين والمفيد والحلبي وابن زهرة هو الحكم بتقديم بينة الخارج.
واستدل الأكثرون بوجوه أحدها ما حكي عن الشيخ رحمه الله من قوة بينة الداخل في الفرض وفيه أن الترجيح بالقوة والضعف إنما هو بعض اثبات مقاومة بينة الداخل لبينة الخارج وكونهما في مرتبة واحدة من - الاعتبار وقد عرفت عدم ثبوت هذا المعنى بل الثابت خلافه هذا مضافا إلى أن الترجيح بالقوة على ذلك التقدير يحتاج إلى دليل مفقود في المقام فتأمل ثانيها ما نسب إلى بعض الأصحاب من التمسك بما في خبر عبد الله بن سنان أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا اختصم الخصمان في جارية فزعم أحدهما انه اشتراها وزعم الآخر انه أنتجها فكان إذا أقاما البينة جميعا قضى بها للذي أنتجت عنده بناء على أن مبنى ذلك قوة النتاج على الشراء ورده بعض المشايخ بأنه يقتضي الترجيح في الأسباب ولم يلتزموا به ثالثها ما تمسك به بعض مشايخنا المتأخرين من اطلاق ما دل على تقديم بينة الداخل على الخارج وفيه ما فيه رابعها ما ذكره في المسالك من أن حجة القول بتقديم بينة الداخل هو الجمع بين ما دل على تقديم بينة الداخل مع ذكر السبب وما دل باطلاقه على تقديم بينة الخارج بجعله على صورة اطلاقهما أو تخصيص بينة الخارج بالسبب وفيه ما عرفت من عدم مقاومة تلك الأخبار لما دل على عدم سماع بينة الداخل في مقابلة بينة الخارج خامسها ما ذكره الأستاذ العلامة في مجلس البحث وملخص ما ذكره انه ان قلنا بعدم سماع بينة الداخل أصلا كما هو الظاهر من جماعة أو قلنا بسماعها لكن فيما لم يكن هناك بينة للمدعي كما في الشاهد واليمين حيث إن اعتبارهما فيما إذا لم يكن بينة عادلة