وقد صرح بعض مشايخنا قدس سره بالتفصيل في المسألة بين الوصية والدين حيث ذهب إلى الانتقال في الثاني من جهة العمومات بعد عدم دلالة المخصصات وإلى عدم الانتقال في الأول من جهة ما دل على أن ثلث مال الميت للميت له أن يتصرف فيه بأي نحو شاء فيدل على بقاء الوصية على حكم مال الميت وفيه أن هذا التفصيل تفصيل ركيك لا شاهد له أصلا بل يمكن دعوى الاجماع على خلافه وما ذكر من الدليل لا يدل عليه أصلا لان المقصود مما ورد من أن ثلث مال الميت للميت هو انتفاعه به وعدم تصرف الورثة فيه إذا أوصى به ولهذا ينتقل إلى الورثة لو لم يوص به اجماعا محققا ومنقولا.
الخامس انه ذكر كل من تعرض للمسألة على ما وقفنا عليه ان الثمرة بين القول بانتقال أعيان التركة إلى الوارث وبقائها على حكم مال الميت تظهر في الثمرة والنماء فإنها على الأول توجد في ملك الوارث ولا يتعلق بها حق الغرماء أصلا وعلى الثاني يتعلق بها حق الغرماء كالأعيان ولم أقف على من منعه أو تأمل فيه إلا بعض مشايخنا قدس سره في جواهره حيث منع ذلك مستندا إلى أنه يمكن أن يكون النماء ملك الوارث ومع ذلك يجب دفعه في أداء الدين كالأصل ولكنك خبير بفساد هذا المنع لأنه لا معنى لوجوب الدفع إليه بعد ما كان - النماء حادثا في ملكه وموجودا فيه وإن أمكن القول بوجوب دفعه إلى الغرماء أمكن القول به في سائر أموال الوارث مما لا دخل للميت فيه أصلا وأما دفع أعيان التركة في أداء الدين على القول بالانتقال فإنما هو من جهة كونها متعلقة لحق الديان فكيف يقاس عليها النماء الحادث في ملك الوارث السادس انه لا إشكال بل لا خلاف في أن للوارث المحاكمة على ما يدعيه لمورثه سواء على القول بانتقال التركة إلى الوارث مع الدين أو عدمه أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلما دل على كونه قائما مقام الميت وانه أولى به من جميع الناس من آية أولو الأرحام وغيرها مضافا إلى ثبوت الاستحقاق له على كل تقدير فإن كان هناك شاهدان وإلا فإن كان شاهد واحد فيقضي به مع يمين الوارث وإن لم يكن هناك شاهدا أصلا فله أن يحلف المدعى عليه فإن حلف أورد فهو وإلا فيقضى عليه بالنكول أو بعد الرد على الخلاف ولا - خلاف في جميع ذلك كله.
إلا أنه قد يشكل في حلف الوارث مع الشاهد أو بعد الرد بملاحظة ما قرر في محله من أنه لا يجوز يمين الغير للغير ولا ينفع له أصلا وإن كان له حق بالنسبة إلى ما يحلف عليه وقد مرت الإشارة منا إلى ذلك في طي كلماتنا السابقة اشكالا ودفعا لكن نقول هنا أيضا انه يمكن دفع هذا الاشكال بوجهين.
أحدهما ما أشرنا إليه سابقا من أنه ليس لنا دليل يدل بعمومه على عدم جواز حلف الغير للغير بحيث يشمل المقام ومثله من المقامات مما يعود نفع المحلوف عليه إلى الحالف ويكون مستحقا له ومختارا في التصرف فيه في الجملة ولا يرد النقض عليه بعدم جواز حلف الغريم على ما هو ظاهر قضية كلماتهم وغيره ممن له حق بالنسبة إلى المدعى به في الجملة للفرق بين الحق المتعلق للغريم به والحق المتعلق للوارث به فإنه ليس للغريم إلا استيفاء ما يغرمه من التركة وليس له دخل بأعيان التركة أصلا ولهذا لا يجوز له مزاحمة الوارث بالنسبة إلى مورد الأداء أصلا.
وهذا بخلاف الوارث فإن موت المورث علة لانتقال التركة إليه غاية ما هناك انه على القول بعدم الانتقال مع الدين صار الدين مانعا من الانتقال إلى الوارث فعلا حتى يؤد الدين فنفس أعيان التركة تنتقل إلى الوارث مع أداء الدين أو رفعه بابراء الغريم ولهذا يكون للوارث التخيير في جهات القضاء اجماعا.