للآخر مع نكوله وهو منفي هنا ويستفاد ذلك من كلام الفاضل في بعض كتبه أيضا والذي صرح به بعض مشايخنا المتأخرين الافتقار إليه لعدم المانع منه مع أن قضية الأدلة ذلك لان المنفي في الفرض التنصيف لا اليمين وعدم تعرض الخبر المتقدم لليمين لا ينافي ثبوتها من غيره.
والحق هو عدم الافتقار إلى انضمام اليمين لما قد عرفت مرارا ان توجه اليمين إنما هو فيما إذا ترتب على النكول عنها ثمرة وهي هنا غير موجودة لان القضاء بالنكول في الفرض مما لا معنى له والرد إلى الآخر أيضا كذلك لنقل الكلام إليه فإن على نكوله أيضا لا يترتب ثمرة لفرض انتفاء التنصيف والحكم بتوجه اليمين إليه لعله يحلف أو يحلف صاحبه مما لا معنى له لما قد عرفت مرارا ان مجرد احتمال وجود الميزان لا يوجب الحكم بتوجه اليمين ما لم يترتب على نفس النكول ثمرة فلا بد من القضاء بنفس القرعة ولا ينافي هذا الاخبار الحاصرة لميزان القضاء في البينات والايمان لعدم امكان القضاء بهما في الفرض والله العالم وهو الحاكم.
قوله فالشهادة بقديم الملك أولى من الشهادة بالحادث الخ أقول هذه من إحدى المرجحات التي ذكرها معظم الأصحاب كالاطلاق والتقييد والدخول والخروج والقوة والضعف فالكلام في المقام مسوق لبيان أصل كون الشهادة بالقدم من الرجحات مع قطع النظر عن اجتماعها مع سائر المرجحات فإن الشهادة بالقدم والشهادة بالحدوث قد تكونان مطلقتين وقد تكونان مقيدتين وقد تكونان مختلفتين وقد تكون العين في يد أحد المدعيين وقد تكون في يدهما وقد تكون خارجة عن يدهما إلى غير ذلك إلا أن الكلام في المقام في اثبات الترجيح بالقدم والحدوث من حيث هما كساير المرجحات فإن التكلم في جميعها من هذه الحيثية وأما حكم صورة تعارضهما مع سائر المرجحات فلعلنا نشير إليه إن شاء الله.
فليفرض الكلام فيما إذا كانت العين خارجة عن يدهما وأقام كل منهما بينة مطلقة غير مشتملة على مزية فنقول ذهب جماعة من الأصحاب حسبما نسب إليهم كالشيخ وابني إدريس وحمزة والفاضل في بعض كتبه بل في المسالك انه المشهور بينهم إلى أن الشهادة بقدم الملك أو أقدمه مقدمة على الشهادة بحادث الملك وقديمه كما إذا شهدت إحدى البينتين انها ملك زيد منذ سنة والأخرى انها ملكه في الحال أو أطلقت أو شهدت إحديهما انها ملك زيد منذ سنتين والأخرى انها ملكه منذ سنة قال ابن إدريس في السرائر فإن لم يكن ترجيح وهو في يد ثالث وأقام أحدهما بينة بقديم الملك والآخر بحديثه وكل منهما يدعي أنه ملكي الآن وبينة كل واحد منهما تشهد بأنه ملكه الآن غير أن إحدى البينتين تشهد بالملكية الآن وبقديم الملك والأخرى بالملكية الآن وبحديث الملك مثاله ان إحدى البينتين تشهد بالملك منذ سنتين والأخرى منذ سنة فالبينة بينة قديم الملك وهي المسموعة والمحكوم بها دون بينة حديث الملك انتهى ما أردنا نقله ومن نسب الترجيح إليه قد استفاده من هذه العبارة.
ولكنه قد صرح في موضع آخر من الكتاب المذكور قريب من العبارة المزبورة بأن الذي ذكره لم يكن مختارة حيث قال والذي اعتمده وأعتقده عليه بعد هذه التفاصيل جميعها الا يرجح إلا بالعدد وبالتفاضل في عدالة البينتين فحسب دون الأسباب وقدم الاملاك لان القياس عندنا باطل على ما قدمناه.
وإنما فصلنا ما فصلناه على وضع شيخنا في مسائل خلافه وهي من فروع المخالفين ومذاهبهم فحكاها واختارها دون أن يكون مذهبا لنا ولبعض مشيختنا ولأوردت به أخبارنا ولم يذهب إليه أحد من أصحابنا انتهى ما أردنا حكايته وهذه العبارة كما ترى صريحة في عدم قوله بالترجيح المذكور بل صريحة في عدم ذهاب أحد