قوله لو ادعى شيئا فقال المدعى عليه آه أقول قد مضى بعض الكلام في هذا الفرع في بعض كلماتنا السابقة ونقول هنا أيضا انه إذا ادعى شخص ملكية ما في يد شخص فإن صدقه فيحكم له بلا إشكال وإن كذبه وأثبته لنفسه فيجري عليه أحكام المنكر بلا إشكال فيه أيضا وإن نفاه عن نفسه فلا يخلو إما أن يقتصر عليه بأن يقول ليس لي أو يضيفه إلى من يحتمل أن يكون المدعى كأن يقول هو لشخص لا اسميه أو لا أعرفه أو يضيفه إلى شخص مجهول لا يحتمل ان يكون المدعى كأن يقول هو لغيري ولغيرك أو يضيفه إلى شخص معلوم بأن يقول هو لزيد فهل تصرف عنه الخصومة في جميع هذه الصور فتبقى العين في يده ما لم يقم المدعي البينة عليه أو ينتزع من يده الحاكم إلى أن يقيم المدعي البينة أو لا تصرف في جميعها وينتزع من يده على تقدير النكول عن الحلف أو فيه تفصيل بين الصور وجوه أوجهها الأخير ثم إن المراد من صرف الخصومة عنه إنما هو بالنسبة إلى دعوى ملكية ما في يده وأما سائر الخصومات والدعاوى فلا تصرف عنه قطعا.
ثم بالحري ان نفرد كل واحدة من هذه الصورة بالكلام ليتضح المرام فنقول بعون الملك العلام إما الصورة الأولى فالذي صرح به بعض الأصحاب هو صرف الخصومة عنه لأنه بنفيه المال عن نفسه يخرج عن كونه مدعى عليه فتصرف عنه الدعوى وينتزع الحاكم المال من يده والذي صرح به في المسالك وغيره عدم صرف الخصومة عنه بمجرد نفيه عن نفسه وعدم انتزاع المال من يده وعلله بما هذا لفظه لأن الظاهر أن ما في يده ملكه وما صدر عنه ليس بمزيل ولم يظهر لغيره استحقاق انتهى ما أردنا نقله وفيه ما لا يخفى على المتأمل وجهه الأستاذ العلامة بعد المصير إليه بأن مقتضى القاعدة عدم صرف الدعوى عنه إذ لعله يقر بعد هذا للمدعى ولا مانع من سماع دعواه حتى على قول الشيخ رحمه الله كما لا يخفى.
وأنت خبير بأن ما ذكره بناء على ما عليه الأكثرون من سماع الدعوى لاحتمال الاقرار في غاية المتانة والوجاهة وأما بناء على ما بنى عليه دام ظله سابقا من عدم كون احتمال الاقرار من موجبات سماع الدعوى فالحق هو القول بصرف الخصومة عنه هذا كله بالنسبة إلى صرف الخصومة عنه.
وأما بالنسبة إلى انتزاع المال من يده وعدمه فظاهر المسالك ان الانتزاع وعدمه متفرعان على - القول بصرف الخصومة وعدمه فعلى الأول ينتزع وعلى الثاني لا ينتزع واستشكل فيه الأستاذ العلامة بأن القول بصرف الخصومة عنه لا يلازم القول بالانتزاع لان مقتضى أصالة حجية اليد عدم جواز الانتزاع من يده وإن لم يمكن الحكم بملكيته من جهة نفيها عن نفسه.
وأما الصورة الثانية فيعلم تفصيل القول فيها مما ذكرنا في الصورة الأولى بل ربما قيل بكون الحكم بالسماع فيها أقوى وأولى من الحكم به في الصورة الأولى وحكم جماعة منهم الفاضل في بعض كتبه بأنه يلزم بالتفسير فراجع ولعلنا نتكلم فيه إن شاء الله.
وأما الصورة الثالثة فالذي هو قضية كلامه جماعة حسب ما حكاه شيخنا الأستاذ دام إفادته هو الحكم بعدم صرف الخصومة عنه كما في الصورتين الأوليين لان الاقرار للمجهول لا يوجب حقا له ولا يقتضي رفع الخصومة عن المقر فالعين باقية على حالها فكأنه لم يقر بها أصلا والذي جزم به الأستاذ هو الحكم بصرف الخصومة عنه للمنع من عدم ايجاب الاقرار للمجهول احداث حق له وما ذكره لا يخلو عن تأمل فلعل الحكم بعدم الصرف على القول به في الصورتين الأوليين لم يكن بعيدا عن الصواب والله العالم بالمبدء والمآب.
وأما الصورة الرابعة فلا إشكال في صرف الخصومة عن المقر بالنسبة إلى ملكية ما في يده وتوجهها