الواقع قطعا بل بمعنى انه يقرع حتى يحصل منها من قوله موافق للأصل فيصير عليه اليمين لا بمعنى انه يقرع في الحق الواقعي حتى يحكم باليمين على من خرجت القرعة بأن الحق له كما هو أحد محتملي الاخبار حسبما احتمله الأستاذ العلامة.
فالمراد بأي هو من خرجت باسمه القرعة لكن لا من جهة صيرورته منكرا بالقرعة وإن كانت القرعة على نفس الواقع حسبما بنى عليه شيخنا العلامة وحكم بكونه المراد من الاخبار ففيما ذكره تأمل لا يخفى وجهه هذا وقد ذكر الحلي في السرائر ما يظهر منه دعوى الاجماع في المسألة حيث قال وإن استويتا في جميع الوجوه فالحكم عند أصحابنا المحصلين القرعة على أيهما خرجت أعطى وحلف الآخذ انه يستحقه وهو له انتهى.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو الافتقار إلى اليمين في صورة وجود الترجيح فالذي صرح به في محكي التحرير هو الافتقار إلى يمين من كان أرجح بينة ونسبه في كشف اللثام للفاضل الأصبهاني إلى صريح أكثر الأصحاب وفي السرائر إلى الأصحاب حيث قال ما هذا لفظه فأما إن كانت العين المتنازع فيها خارجة من يد المتداعيين وهي في يد ثالث غيرهما ثم أقام كل واحد منهما بينة بها فإن أصحابنا يرجحون بكثرة الشهود فإن استويتا في الكثرة رجحتا بالتفاضل في عدالة البينتين فيحكم في المال المتنازع فيه وتقدم (بتقديم خ) بينة صاحب الترجيح مع يمينه انتهى ونفى عنه الخلاف سيد مشايخنا في الرياض والذي يظهر من كلمات جماعة وصرح به العلامة في بعض كتبه حسبما حكى عنه عدم الافتقار إلى اليمين.
والأقرب عند الأستاذ العلامة هو الأول لعموم ما دل على انحصار القضاء بالبينات والايمان لا يقال إن بعد الترجيح يكون القضاء بالبينة الراجحة فلا وجه لانضمام اليمين.
لأنا نقول ما المراد من الترجيح فإن كان المراد منه ما هو عليه اصطلاح أهل الأصول من اقتران إحدى الامارتين بما يوجب مزيتها على الأخرى بحيث يسقطها عن الحجية الفعلية فتصير الامارة الموافقة لها سليمة عن المعارض فنمنع قيام الدليل على ثبوت الترجيح بهذا المعنى فإنه ليس في اخبار الباب عين وأثر من لفظ الترجيح حتى يدعى ظهوره في المعنى المذكور غاية ما فيها هو نفي القرعة عند عدم مساواة البينتين الدال على تقديم قول ذي البينة الراجحة فيصير مثل ذي اليد وإن كان المراد منه اقتران إحدى البينتين بمزية توجب تقديم قول من يكون بينته مشتملة عليها حسبما هو المستفاد من الاخبار لا الزايد عليه فهو لا يدل على تقديم البينة المشتملة عليها فصار الحاصل ان مجرد تعارض البينتين أوجب تساقطهما فإن كانتا متساويتين فالميزان القرعة بانضمام حلف كل من خرجت باسمه وإن كانتا متفاوتتين يكون الميزان هو يمين ذي البينة الراجحة فالقضاء إنما هو لأرجح البينتين لا ما رجحهما وعلى هذا المعنى يمكن أن ينزل كلمات من كانت ظاهرة في نفي الافتقار إلى اليمين.
هذا مضافا إلى إمكان الاستدلال بالافتقار في المقام بخبر البصري المتقدم ذكره حيث ذكر فيه القضاء للأكثر مع استحلاف المدعي فإنه وإن كان مختصا بالخارج والداخل حسبما قد عرفت سابقا إلا أنه يمكن الحاق المقام بمورده بالاجماع المركب فتأمل جيدا.
ثم إن بنينا على عدم الافتقار إلى انضمام اليمين في القرعة والترجيح فلا إشكال وإن بنينا على الافتقار إليه فإن حلف من عليه اليمين فلا إشكال أيضا وإن لم يحلف فلا إشكال في كون الميزان حينئذ يمين صاحبه