ذكره شيخنا الأستاذ دام ظله من أن العمل بالطرق الشرعية في مقام إلزام الناس مختص بالحاكم ولا يجوز لغيره وليس العمل بالأصول المذكورة أولى من العمل بالبينة إن لم يكن أضعف كما لا يخفى.
ومن أن مقتضى أدلة الاقرار وإن كان ما ذكر من اثبات الحكم وهو جواز الالزام لموضوع الاقرار فلا بد من احراز الموضوع بشئ آخر لكن نقول إنه قد قام الدليل على احرازه في الموارد المذكورة بحيث لا نفرق فيه بين المجتهد والمقلد أما فيما إذا كان الشك في الاقرار ناشيا من الشك في إرادة المعنى المجازى أو خلاف الظاهر أو ما شابههما من احتمال السهو والخطأ فلقيام بناء العقلاء وأهل اللسان على التمسك بالأصول اللفظية وما شابهها من أصالة عدم الخطأ والسهو الاكراه من غير فرق بين الحاكم وغيره فيحكم بمقتضى بناء العرف والعقلاء بأن ما شك في إرادة معناه الحقيقي أو الخطأ فيه أنه اقرار واقعي صدر عن قصد وعمد فيترتب عليه أحكامه من إلزام المقر بمضمونه وهذا كما في سائر المقامات فإن ما دل على اثبات الحكم لموضوع عرفي لا يدل على ثبوت الموضوع لكن يرجع في احرازه إلى أهل العرف فإذا قالوا إن هذا الموضوع هو الموضوع في القضية الفلانة يحكم بترتب الحكم عليه من غير اشكال فيه ولا يجب القطع باحراز الموضوع وإلا لا نسد باب الاستنباط والعمل بالقواعد العامة في أكثر الموارد بل في جميعها إلا أقل قليل كما لا يخفى وأما إذا كان الشك فيه ناشيا من الشك في الابراء والأداء فلقيام بناء العقلاء أيضا على تنزيل الشك في الوفاء مع سبق الاشتغال بمقتضى الاقرار منزلة القطع بعدمه فيحكمون بمجرد اقراره بالاشتغال السابق مع عدم ادعاء الابراء أو الوفاء بأنه مقر فعلا هذا ويمكن تفصيل في المقام بين الأصول العملية كأصالة عدم الوفاء واللفظية باختيار الاختصاص بالحاكم في الأول دون الثاني ويظهر وجهه بالتأمل فيما ذكرنا فتأمل.
خامسها ان ما ذكرنا كله إنما هو في البينة والاقرار وأما اليمين التي من أحد الموازين الشرعية فهل هي مثل البينة أو الاقرار وجهان من أن المستفاد من أدلة الحكم اختصاص الالزام بالموازين الشرعية بالحاكم وهي منها ومن أن الظاهر من أدلتها كما هو الظاهر لمن راجع إليها هو كونها مثل الاقرار مزيلة للدعوى مثل قوله (عليه السلام) فيما سيجئ من روايات اليمين وذهبت اليمين بما فيه وغيره مما يدل على هذا المعنى هذا كله في يمين المنكر وأما اليمين المردودة وغيرها من موازين الحكم كالنكول والشاهد واليمين فهل هي مثل البينة أو مثل الاقرار وجهان ظاهر بعض مشايخنا كونها كالاقرار كما أن البينة أيضا مثله ومقتضى ما تقدم من شيخنا الأستاذ وصرح به في مجلس البحث كونها كالبينة مستدلا لذلك بما قد عرفت غير مرة من أن المستفاد من أدلة جميع الموازين عدا ما عرفت كونها مختصة بالحاكم بالنسبة إلى الآثار المستلزمة لفصل الامر وقطع الخصومة ولو بحسب الواقع لكن قد عرفت أيضا منا الاشكال في ذلك وان غاية ما يستفاد منها كون الحكومة المصطلحة بها مختصة بالحاكم وأما غيرها فليس فيها ما يدل على ذلك فراجع إليها وتأملا فيها.
قوله وهل يحكم به من دون مسألة المدعي قيل لا يجوز لأنه حق له فلا يستوفى إلا بمسئلته أقول المستفاد من كلام الأكثرين ابتناء الخلاف في المسألة على كون الحكم من الحاكم حقا للمدعى من حيث كونه سببا لايصال حقه فلا يستوفى إلا بمسئلته كما في جواب المدعى عليه أو حقا للحاكم من حيث كونه مأمورا بقطع المنازعة والمشاجرة بين الخصمين بعد حضورهما مجلس الخصومة فالحكم وتحصيل جميع مقدماته له ولا مدخل لغيره فيه فيجوز له الحكم من دون مسألة والحق كما ذكره الأستاذ العلامة دام إفادته فساد هذا الابتناء ضرورة فساد القول بكون الحكم حقا محضا للحاكم من دون تعلق له بالمدعى أصلا وإن قلنا