بالحق إلى غير ذلك من الموارد التي يقف عليها المتأمل هذا مجمل القول في التعدي بالنسبة إلى الجهتين الأوليين.
وأما الكلام في التعدي من الجهة الثالثة وهي ما إذا كان المدعى عليه غير الميت كالصبي والمجنون والغائب فيجئ تحقيق القول فيها عند تعرض المصنف له إن شاء الله.
وأما الكلام في التعدي من الجهة الرابعة وهي الدين إلى غيره كالعين والحق فقد يقال بعدم جواز - التدعي وإن قلنا بالتعدي من احتمال الايفاء إلى مطلق احتمال البراءة لأنه لا ملازمة بينهما كما لا يخفى.
توضيح ذلك أن الايفاء له جهة ظهور في الدين وجهة ظهور في ايفاء الميت في مقابل مطلق حصول براءة ذمته بأي سبب من الأسباب كالاحتساب من الزكاة والصدقات وغيرهما ورفع اليد عن ظهوره بالاعتبار الثاني بالاجماع وغيره لا يستلزم رفع اليد عنه باعتبار الأول كما لا يخفى.
فإن قلت نمنع عن كون الايفاء ظاهرا في الدين بل يعمه والعين والحق أيضا سلمنا ظهوره في الدين لكن نمنع من كون المراد منه في خصوص المقام هو خصوص الدين لذكر لفظ الحق سابقا الذي هو المفعول الثاني لقوله لعله وفاه وهو أعم من الدين والعين والحق.
قلت منع ظهور مادة الوفاء في خصوص توفية الدين مكابرة صرفه وأما ادعاء ظهوره في خصوص المقام في الأعم بقرينة ذكر لفظ الحق ففيه أولا منع ظهور الحق في الأعم أيضا سلمنا لكن المستفاد من الرواية صدرا وذيلا هو كون المراد هو خصوص الدين وبالجملة منع ظهور التوفية في المقام في خصوص الدين لا شاهد له أصلا ولا يصغى إليه قطعا فمن هنا ظهر فساد ما يقال بل قيل في وجه التعدي من كون المراد من التوفية هو الأعم من الدين والعين فالأولى أن يقال إن لفظ التوفية وإن كان ظاهرا عرفا في خصوص الدين إلا أنا نعلم أنه لا خصوصية له في الحكم بانضمام اليمين بل المقصود من الرواية هو جعل جميع الدعاوى المتصورة من المدعى عليه إذا كان ميتا بمنزلة المحققة سواء كان المدعى به دينا أو عينا أو حقا فكما يتعدى عن احتمال الايفاء إلى مطلق احتمال البراءة كذلك يتعدى عن ظهوره في الدين إلى مطلق احتمال الأداء والخروج عن الحق من غير فرق في ذلك بين العين والدين والحق فالتعدي إلى غير الدين منوط بالحدس القطعي من الفقيه فلو احتمل اختصاص الحكم بالدين فلا يجوز له التعدي منه لعدم ظهور لفظي في المقام حتى يكتفى به مع قيام الاحتمال بل قد عرفت أن الظاهر من الرواية هو خصوص الدين فتأمل في المقام فإن المسألة لا تخلو عن إشكال.
وأما الكلام في التعدي من الجهة الخامسة وهي البينة العادلة إلى غيرها من موازين القضاء فيقع الكلام تارة في الشاهد واليمين وأخرى في اليمين المردودة من المدعى عليه أو الحاكم ثم إن الكلام فيهما ليس من حيث كونهما كالبينة في ثبوت الحق بهما فإنه مما لا إشكال فيه وإنما الكلام فيهما من حيث الاحتياج إلى يمينين أو كفاية يمين واحدة.
فنقول أما الكلام في الأول فقد يقال بلزوم تعدد اليمين نظرا إلى تعدد موجبها والأصل عدم التداخل وقد يقال بكفاية اليمين الواحدة نظرا إلى تأتي المقصود منها بهما بها فلا داعي للتعدد وقد يفصل في المسألة بين ما إذا شهد الشاهد بالحق الفعلي وباشتغال الذمة فعلا وبين ما إذا شهد باشتغال الذمة سابقا كما إذا شهد على سبب الاشتغال فيحكم في الثاني بالتعدد وفي الأول بكفاية الواحدة.
فكيف كان فقد يستدل على عدم كفاية الواحدة مطلقا بوجوه أحدها ما عرفت من حديث تعدد