وإلا لزم عدم القضاء باليمين حسبما عرفت وجه اللزوم سابقا فإن علم الحاكم بأنه ورى في حلفه فيأمره بإعادته ولهذا حكى عن جماعة من الأصحاب وجوب إعادة اليمين لو عقبها بإنشاء الله وإلا فيحمل كلامه على - الواقع فهل يجوز التقاص للمدعي على القول بعم جوازه في اليمين الفاجرة إذا علم بان الحالف ورى في حلفه أو لا يجوز له ذلك وجهان أوجههما الأول لان مقتضى القاعدة المستفادة مما ورد في باب التقاص جوازه في كل مورد غاية الأمر انه قام الدليل على أنه لو حلف المنكر على نفي المدعى بحسب الواقع لا يجوز التقاص بعده لان المدعي قد رضي به عن حقه فيعمل في التورية بالعمومات السالمة عن المخصص والمعارض.
ثم إنه هل يلحق بالحلف إذا ورى فيه في متعلقه تكليفا ووضعا الحلف الذي يورى فيه في اسم الجلالة أو لا فالحق أن يقال إن في الحكم الوضعي لا إشكال في لحوقه به وأما الحكم التكليفي فلا إشكال عندنا في عدم لحوقه به ولكن قد احتمل شيخنا الأستاذ الالحاق في الحكم التكليفي أيضا بل مال إليه بعض الميل فتدبر هذا مجمل القول في المقام الأول وهو ما إذا كان المنكر كاذبا في انكاره.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو ما إذا كان صادقا فيه غير مشغول الذمة بحق المدعي أصلا فالكلام فيه أيضا يقع في مقامين أحدهما في الحكم التكليفي ثانيهما في الحكم الوضعي بالنسبة إلى الحاكم.
أما الكلام في المقام الأول فنقول انه لا إشكال في جواز الحلف على نفي اشتغال ذمته وما يدعى عليه في الجملة بل له أن لا يحلف أصلا ان أمكنه ذلك إنما الاشكال في أنه إذا ادعى المدعى عليه سببا من أسباب الاشتغال كالبيع والصلح غيرهما من العقود وقد أدي المنكر في الواقع العوض وبرئت ذمته منه لكن يدعى المدعي السبب الذي وقع بينهما ويريد استحلافه عليه ويلزمه الحاكم أيضا أو غير ذلك من الصور التي يلزم - الحاكم المدعى عليه بالحلف كاذبا مع كونه محقا في الواقع فهل يجوز للمنكر الحلف بالله كاذبا وإن أمكنه التورية وكان ملتفتا إليها أو لا يجوز له ذلك وجهان أوجههما حسبما يظهر في النظر القاصر فعلا الأول.
وتوضيح الكلام في وجه المرام بحيث يرتفع غواشي الأوهام يحتاج إلى بسط في المقام والتعرض لكلمات علمائنا الاعلام عليهم رضوان الله الملك العلام على ما يقتضيه الحال ويسعه المجال.
فنقول انه لا إشكال ظاهرا في جواز الحلف كاذبا في حق المحق إذا فرض عدم تمكنه من التورية أو غفلته عنها لما دل من الأخبار المتواترة معنى على جوازه التي سيأتي إلى جملة منها الإشارة مضافا إلى ما دل عموما على إباحة الضرورات المحظورات والتفصيل بين ما إذا كان المال المدعى به خطيرا أو صغيرا كما ربما يدعى لا يصغى إليه أصلا وأما إذا فرض تمكنه من التورية فالمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة وجوب التورية لان التخلص من الحرام مهما أمكن واجب فيجب فعل ما يحصل به التخلص والمفروض عدم توقف تحصيل الحق عليه أيضا.
ولا بأس بذكر كلمات جماعة ممن رأينا كلامه ظاهرا في وجوب التورية حتى يظهر لك صدق ما ادعيناه من ذهاب المشهور إلى وجوب التورية قال في المقنعة على ما حكى عنها من كانت عنده أمانة فطالبها ظالم فليجحد وإن استحلفه فليحلف ويوري في نفسه بما يخرجه عن الكذب إلى أن قال فإن لم يحسن التورية وكانت نيته حفظ الأمانة أجزئه النية وكان مأجورا انتهى.
وقال في محكي الغنية في هذه المسألة ويجوز له أن يحلف انه ليس عنده وديعة ويوري في يمينه بما يسلم به من الكذب بدليل اجماع الشيعة انتهى وهو كما ترى يمكن استظهار دعوى الاجماع منه على وجوب التورية في صورة الامكان وقال في السرائر في هذه المسألة أعني مطالبة الظالم الوديعة فإن قنع الظالم منه