جعل من قبل الفتوى فلا معنى للفرق أيضا وما ذكره بعضهم في وجه الفرق من أن عروض الفسق له يكشف عن وجود الخباثة فيه حين الحكم بخلاف ارتفاع سائر الشروط فيه ما لا يخفى على من له أدنى دراية هذا مجمل القول في الموضع الثالث.
وأما الكلام في الموضع الرابع وهو اعتبار اقرار المحكوم عليه بأنه قد حكم عليه فالظاهر بل المقطوع عدم الاشكال فيه لعموم ما دل على نفوذ اقرار العاقل على نفسه مضافا إلى قيام الاجماع عليه ظاهرا في المقام فراجع إلى كلمات الاعلام حتى تطلع على حقيقة المرام. ثم إن هنا فروعا ومسائل قد تعرض لها في المتن وغيره من كتب الأصحاب لا إشكال فيها فبالحري صرف العنان عن التكلم فيها والاشتغال بغيرها لان الاشتغال بالأهم أولى من الاشتغال بغيره.
قوله الفصل الثاني في اللواحق من أحكام القسمة آه أقول الكلام في القسمة يقع في مقامات وقبل - التكلم فيها ينبغي التعرض لأمور.
الأول ان ذكر القسمة في باب القضاء من أن لها أحكاما برأسها كما صنعه جماعة إنما هو من جهة احتياج الحاكم إلى القسام لقسمة المشتركات ومن أفردها كتابا برأسها نظر إلى استقلالها بالأحكام كغيرها من الكتب وكيف كان الامر فيه سهل.
الثاني انه لا إشكال ولا ريب في شرعية القسمة بل الاجماع والضرورة عليها ويدل عليها قبلهما الكتاب والسنة فمن الكتاب قوله تعالى فإذا حضر القسمة الآية وقوله تعالى ونبئهم ان الماء قسمة بينهم ومن السنة ما روي أن رسول الله قسم خيبر على ثمانية عشر سهما وقال الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وعرفت الطرق فلا شفعة وما روي أن عبد الله بن يحيى كان قساما لأمير المؤمنين (عليه السلام) إلى غير ذلك من الروايات وكيف كان لا شبهة في تشريعها بعدما عرفت.
الثالث ان الحاجة الداعية إلى تشريع القسمة ظاهرة لتوقف حفظ النظام عليها لأنه قد لا يقوم الشركاء أو بعضهم بالمشاركة أو يريدون الاستبداد بالتصرف ومن هنا يمكن التمسك على تشريعها بالعقل أيضا.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى التكلم في المقامات وهي ثلاثة الأول في بيان مفهوم القسمة فنقول قد ذكر الأستاذ العلامة وجماعة انها تمييز أحد النصيبين عن الآخر أو أحد الأنصباء عن غيره فعلى الأول يشمل ما لو قسم شريكان مالا بينهما وبين غيرهما على قسمين بحيث كان بعض من نصيب الغير داخلا في نصيب أحدهما و بعضه الآخر داخلا في نصيب الآخر على القول بصحة هذه القسمة حسبما نبين القول فيه مشروحا بعد هذا إن شاء الله لان نصيب كل من الشريكين في الفرض يتميز عن نصيب صاحبه وإن لم يتميز عن نصيب الثالث وعلى الثاني لا يشمله لان نصيب أحد الشريكين لم يتميز عن نصيب غيره بقول مطلق كما لا يخفى فظهر مما ذكر ان القسمة عبارة عن تمييز نصيب أحد الشركاء أو الشريكين وافرازه عن نصيب باقي الشركاء أو الشريك الآخر.
ثم إن المراد من التمييز في المقام ليس هو تعيين ما كان معينا في الواقع وعنده الله تعالى حسبما هو قضية ظاهر لفظ التمييز بل المراد منه هو جعل التعيين بعد ما لم يكن هناك تعين بحسب الواقع أصلا لان كل جزء فرض من المال فهو مشترك في الواقع بين الشريكين فلا تميز في الواقع بين نصيبهما وإنما يتميزان بالجعل العرفي بواسطة القسمة فالقسمة مميز جعلي عرفي أمضاه الشارع ومن هنا يعلم أنه لا قسمة في صورة الاشتباه واختلاط مال أحد الشخصين بمال الآخر إلا إذا حكم باشتراكهما في المال المختلط بحسب قيمته وماليته فالقسمة نظير