وجه عدم سماع البينة وجه آخر غير الوجه المذكور وهو أنه لا إشكال في اختلاف الجور بنظر الاشخاص كما في مسألة الجرح فلا تسمع فيه البينة مطلقة من دون ذكر السبب لما سيجئ من عدم سماع البينة في مثل المقام إلا ببيان السبب هذا ولكن هذا الوجه لا ينفي عدم سماع البينة بقول مطلق وإنما ينفيه إذا شهدت على الجور مطلقا من دون ذكر السبب ويمكن ارجاع هذا الوجه إلى الوجه السابق فتأمل.
قوله السادسة إذا افتقر الحاكم إلى مترجم الخ أقول أما اشتراط التكليف والعدالة فالظاهر أنه متفق عليه بيننا ومخالفينا وأما اشتراط التعدد فقد اختلفوا في اعتباره لكن الظاهر من مقالة أصحابنا اعتباره إما من جهة أن الترجمة هي الشهادة كما هو ظاهر جماعة واما من جهة الشك في اندراجها تحت الخبر أو الشهادة فيؤخذ بالقدر المتيقن كفايته وهو التعدد كما هو ظاهر آخرين منهم المصنف نعم حكي عن بعض العامة القول بكفاية الواحد نظرا إلى أنه خبر والأصل في خبر العادل القبول.
والتحقيق أن يقال إنه إن قلنا بكون الترجمة شهادة كما هو الظاهر مما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله - العالي في تعريفها من أنها اخبار عن ثبوت الشئ في مظان انكاره فلا إشكال في اعتبار التعدد لعموم ما دل على اعتباره فيها وإن لم نقل بكونها شهادة فإن قلنا بكون الأصل في خبر العادل القبول كما هو المعروف المشهور فلا إشكال في عدم اعتبار التعدد على المختار سواء قلنا بكونها ليست بشهادة أو شككنا فيه أما على الأول فواضح وأما على الثاني فلما حققنا في محله من وجوب الرجوع إلى العام فيما إذا شك في صدق المخصص والمخرج على بعض أفراد العام المسمى بالشبهة المصداقية نظرا إلى رجوع الشك (الامر خ) في الحقيقة إلى الشك في التخصيص الزايد على القدر - المعلوم فيتمسك بظهور العام في عدمه خلافا لمن خالف ذلك وتوهم عدم رجوعه إلى الشك في التخصيص الزائد لكن المشهور المعروف بينهم هو ما اخترناه من التمسك بالعام ومن هنا يمكنك الايراد عليهم بأنه بعدما فرض الشك في صدق الشهادة على الترجمة المقتضية للتعدد مع القطع بصدق الخبر المقتضي لكفاية الواحد ولو عند الشك في صدق الشهادة من جهة ملاحظة عموم أدلة اعتباره على ما هو المعروف كيف يمكن القول باعتبار التعدد من جهة انه القدر المتيقن ضرورة كون اعتباره من هذه الجهة من باب الاحتياط ومعلوم أنه لا يعارض عموم ما دل على حجية قول العادل بعد فرض جريانه كما هو المفروض نعم لو قيل بعدم كون الأصل في خبر العادل القبول كما هو المقبول حسبما حققنا في محله أو قيل بعدم جواز الرجوع إلى العام عند الشك في المصداق كما هو مختار بعض أفاضل المتأخرين لتوجه ما ذكروه لعدم معارضة الاحتياط حينئذ بشئ فلا بد من أن يؤخذ به ومن هنا تعرف حكم الشق الثاني من شقي الترديد فلا نحتاج إلى ذكره هذا.
وقد ذكر بعض مشايخنا هنا كلاما لتوجيه الحكم بالرجوع إلى الاحتياط والاخذ بالقدر المتيقن في - المقام وإن قيل بكون الأصل في كل خبر عادل القبول ووجوب الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية لا بأس بالإشارة إليه وإلى ما فيه حيث قال بعدما ذكر كون اعتبار التعدد هو المتيقن ما هذا لفظه ودعوى أن الأصل الرواية لان الشهادة قسم من الخبر ولكن اعتبر الشارع في بعض أفرادها التعدد فما لم يثبت فيه يبقى على عموم ما دل على قبول خبر العادل يدفعها وضوح التباين بين الرواية والشهادة في العرف الذي هو المرجع في أمثالهما بعد معلومية عدم الوضع الشرعي فيهما وعدم الاجمال واعتبار التعدد في موضوع الشهادة لأنه هو المميز لها عن الرواية وكون جنسهما الخبر لا يقتضي أنهما قسم منه بل هما نوعان متمايزان في العرف الذي يمكن أن يقال إن الترجمة فيه قد تكون من الشهادة وقد تكون من الرواية لا أنها مطلقا شهادة أو رواية فحيث يراد بها اثبات ما يترتب عليه الحكم