سبب للاشتغال في البابين هذا ملخص ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله العالي مطلبا ودليلا واستشهادا وللتأمل في بعض ما ذكره مجال واسع لا يخفى على المتأمل وتركنا التعرض له تقليلا لاسائة الأدب.
ثم إن ها هنا أمورا بالحري ان ننبه عليها الأول انه لا إشكال بل ولا خلاف ظاهرا إلا من بعض في جواز القضاء بإقرار المنكر بالملكية للمدعي في الزمان السابق ما لم يدع الشراء منه لان مقتضى قوله اقرار العقلاء على أنفسهم جايز هو أخذ المقر باقراره ما لم يثبت الخروج عن مقتضاه ولهذا يلزمه الحاكم عليه ولو كان اقراره قبل تحرير الدعوى بزمان كثير وهذا بخلاف البينة فإنه ليس له هذه المرتبة من الاعتبار ولهذا لا تسمع قبل تحرير الدعوى بل وبعده وقبل المطالبة من المدعي وإنما تسمع بشرايطها إذا كانت مطابقة للدعوى أو نافعة في المدعى ولو بإبطال انكار منكره والبينة على الملكية السابقة غير مشتملة على أحد الامرين حسب ما عرفت سابقا فلمكان القوة والضعف في الاعتبار بين الاقرار والبينة المستفادين من أدلتهما جاء هذا التفصيل وإلى ما ذكرنا يرجع ما علل به الفرق في القواعد حيث قال ولو قال المدعى عليه كان ملكك بالأمس انتزع من يده لأنه مخبر عن تحقيق فيستصحب بخلاف الشاهد فإنه يخبر عن تخمين انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه ومن لم يتأمل فيه وإن كان يسئ الأدب بالايراد عليه بأن الاخبار عن تخمين إذا فرض اعتباره كما هو المفروض فما الفرق بينه و بين الاخبار عن تحقيق إلا أن من تأمل فيه يعلم أن مراده ما أشرنا إليه من حيث القوة والضعف المستفادين من دليل اعتبارهما هكذا ذكره الأستاذ العلامة دام ظله العالي ولا يخفى عليك ان ما ذكره خلاف ما يستفاد من ظاهره كلامه سيما بملاحظة قوله بعد العبارة المتقدمة وكذا تسمع من الشاهد لو قال هو ملكه بالأمس اشتراه من المدعي عليه بالأمس أو أقر له المدعى عليه بالأمس لأنه استند إلى تحقيق انتهى كلامه رفع مقامه فالظاهر أن مراده ملاحظة القوة والضعف من حيث المستند وكيف كان لا إشكال في التفرقة المذكورة إلا أن الظاهر من بعض مشايخنا المتأخرين عدم الفرق بين الاقرار بالملكية السابقة والبينة على الاقرار بها والبينة على نفس الملكية السابقة.
الثاني ان ما ذكرنا كله من الكلام في المسألة في صورة شهادة الشاهد على السبب في الزمان السابق إنما هو مع تعرضه للمسبب في ذلك الزمان وإن لم يتعرض في الزمان اللاحق كما لو قال مثلا اني أشهد انه ملك المدعي في الأمس اشتراه من المدعى عليه وأما لو شهد بنفس السبب في ذلك الزمان من دون تعرض للمسبب أصلا لا فيه ولا في الزمان اللاحق فهل يقضى به على تقدير القول بالقضاء في الصورة السابقة أم لا يقضى به وجهان مبنيان على سماع البينة على نفس السبب وعدمه وربما يظهر من الشهيد في القواعد عدم السماع وربما يبني السماع وعدمه على سماع دعوى السبب مجردا وعدمه وفي هذا البناء نظر لا يخفى وجهه والله العالم.
الثالث انك قد عرفت الكلام في طي كلماتنا السابقة في تقديم الشهادة على الملك المسبب على الشهادة على الملك المطلق وان المشهور بينهم هو ذلك استنادا إلى ما عرفت منهم جامعا بين جميع صور الزيادة من الحسية والحكمية من قاعدة الجمع وإن تكلمنا عليه بعض الكلام تبعا لبعض مشايخنا الاعلام وأصحابنا الكرام وأنكره الحلي في السرائر ناسبا له إلى كونه من قضية أصول أهل الخلاف وأما الترجيح بشهادة إحدى البينتين على الملك والأخرى بالتصرف أو شهادة إحديهما بسبب الملك والأخرى بالتصرف فالمشهور بينهم أيضا تقديم الأولى على الثانية في المقامين كما هو صريح القواعد والمتن وغيرهما والدليل عليه هو قاعدة الجمع وللتأمل فيه مجال للمتأمل في القاعدة في أمثال المقام والله العالم بحقايق الاحكام.