يحلفنا الغموس فقال احلف إنما هو على علمك.
قلت أولا ان الخدشة في جواز الاستناد في الشهادة إلى الاستصحاب والحكم بمقتضى البينة المستندة إليه والتأمل فيه كما صدر عن بعض الأصحاب في غاية الظهور من الفساد لاتفاق كلمتهم ظاهرا على جوازه وجواز الحكم بمقتضى البينة المستصحبة كما يظهر مما ذكروه في القضاء بالشهادة على الملكية السابقة مع قول الشاهد ولا أعلم له مزيلا حيث إن ظاهرهم عدم الخلاف في القضاء به ومن غيره مما ذكروه في المقام وفي باب الشهادة فراجع إلى كتبهم حتى تقف على حقيقة الامر هذا مضافا إلى دلالة جملة من الروايات عليه سيأتي ذكرها إن شاء الله في محله.
وأما ما ذكر من الروايتين فشئ منهما لا يدل على عدم جواز الاستناد إلى الاستصحاب في الشهادة أما الثاني فظاهر لان المراد به ما علمت به سابقا أو تعلم العمل به هكذا ذكره الأستاذ العلامة وأما الأول فلان الظاهر منه كما لا يخفى لكل من تأمل فيه هو جواز الاستناد إلى الاستصحاب في الشهادة لان المراد من قوله (عليه السلام) كلما غاب من يد المرء المسلم آه ليس هو انشاء الحكم بعدم جواز الاستناد وعدم جواز الشهادة بل انشاء التعجب والتوبيخ على عدم جواز الشهادة وانه كيف يمكن أن يكون الامر كذلك سيما بملاحظة توصيف المرء بالمسلم وقوله لم تشهد لان المناسب للمعنى الأول كما لا يخفى لا تشهد فهو في معنى الاستفهام الانكاري فهو قريب من قوله في بعض روايات اليد ولولا هذا لما قام للمسلمين سوق في دلالته على الكبرى الكلية وبالجملة لا ينبغي التأمل في ظهور الرواية صدرا أو ذيلا في المدعي سيما بملاحظة بعض الأخبار الأخر الوارد بهذا المضمون الظاهر في جواز الاستناد.
وثانيا ان كلامنا في المقام إنما هو على تقدير ثبوت جواز الاستناد فالاشكال الذي ذكرنا إنما هو على تقدير القول به فلا معنى بعده لان يقال إنه لا دليل على جواز الاستناد فتلخص من جميع ما ذكرنا أنه لا إشكال في جواز العمل باليد في صورة عدم المعارضة مع ظهور شئ من ذي اليد يدل على ملكية ما في يده كدعوى الملكية أو التصرف فيه تصرف الملاك كما أنه لا إشكال في عدم جواز الاستناد إليه في صورة المعارضة مع العلم السابق وأما العمل بها مع قطع النظر عن انضمام شئ إليها ففيه إشكال عند الأستاذ العلامة إلا انك قد عرفت أن الحق هو العمل باليد حينئذ أيضا.
فإن قلت لو كان الامر كما ذكرت من جواز استناد الشاهد في الشهادة إلى الاستصحاب وجواز القضاء أيضا من الحاكم لجاز للحاكم القضاء على ذي اليد فيما لو عليم بالملكية السابقة للمدعى وإن كان شاكا في الملكية الحالية لان علم الحاكم معه الاستصحاب ليس بأدون من البينة الاستصحابية قلت لا ملازمة بين جواز القضاء بالبينة الاستصحابية وبين جوازها بالعلم بالمدعى في السابق بضميمة الاستصحاب لان القضاء بالأولى قضاء بالبينة لمطابقتها مع المدعى ولو بالاستناد إلى الاستصحاب. وهذا بخلاف الثاني فإن القضاء فيه قضاء بالاستصحاب حيث إن العلم بالمدعى في غير زمان المدعى ليس مطابقا له فهو لا ينفع أصلا والتطبيق بالاستصحاب يرجع إلى القضاء به كما لا يخفى فالقضاء بالعلم في الصورة كالقضاء بالبينة على الملكية السابقة بضميمة استصحاب الحاكم في كون كل منهما غير مطابق للدعوى ولا يلزم شيئا على المدعى عليه في زمان حتى ينفع في المدعى ضرورة ان العلم بالملكية السابقة لمدعيها كالبينة عليها في عدم الزامها شيئا على المدعى وأما ما قرع سمعك من جواز القضاء للقاضي بعلمه فإنما هو بالنسبة إلى علمه في حال الدعوى الذي هو طريق إلى الحق قهرا أو انجعالا حسب ما هو قضية عدم قابليته للجعل.