بحمل كون شهادتها بالحدوث من جهة استنادها إلى الشراء ونحوه مما يكون مزيلا للاستصحاب لان معنى الشهادة على الحدوث حسبما عرفت سابقا ليس هو الشهادة على الانتقال من الأول أو مطلقا كما قد يتوهم بل هو ساكت (هي ساكتة خ) عن الزمان السابق فيحتمل استنادها إلى ما يكون في عرض مستند المتقدمة في الشهادة إلا أنها تحمل غير غيره مراعاة للجمع بين البينتين وشتان بينهما.
وبعبارة أخرى أوضح السر في عدم التزامهم بالجمع في المقام هو ان البقاء الناشئ عن الاستصحاب على فرض استناد المتقدمة عليه إنما هو معلق عندهم على ظن الزوال والبينة المتأخرة لا يحصل منها الظن بالزوال إلا بعد ارتكاب التأويل فيها وحملها على كون استنادها إلى ما يكون مزيلا للاستصحاب لاحتمال استنادها إلى ما لا يكون مزيلا له وهذا بخلاف البينة التي تشهد بالفسق أو التي تشهد بالملك استنادا إلى السبب فإنهما بأنفسهما مزيلتان للأصل الذي استند إليه البينة التي تشهد بالعدالة أو الملك المطلق.
وبعبارة ثالثة للبينة المتقدمة حدوث وبقاء والبينة المتأخرة إنما تعارض بقائها إلا أن جهة التعارض يحتمل أن تكون هي البقاء فقط فيبقى حدوث المتقدمة سليما عن المعارض ويحتمل أن تكون هي الحدوث ولازمه رفع البقاء أيضا لان تحقق البقاء إنما هو بتحقق الحدوث فالحكم برفع المتأخرة البقاء فقط ليحصل الجمع بينهما يتوقف على حمل المتأخرة على الاستناد إلى ما يرفع البقاء فقط كالشراء بعد الزمان السابق والمفروض ان الحكم بارتفاع البقاء من جهة ارتفاع الحدوث ليس ارتكابا لخلاف أصل زائد على طرح الحدوث حتى يعين بما دل عدم جوازه كون جهة التعارض منحصرة فيه.
والحاصل انه لا ريب ولا شك في وجود الفرق المذكور بين الصور التي حكموا بالتفرقة والتفصيل فيها لكن الشأن في اثبات كون المقدار المذكور من الفرق مجديا في الحكم بالتفصيل المذكور لان الحامل على الجمع المذكور في صورة حصوله بارتكاب التأويل في إحديهما المعينة ليس إلا ما دل على تصديق البينتين بقدر الامكان وهو بعينه يجري فيما يحتاج الجمع إلى ارتكاب التأويل في كلتيهما كما لا يخفى.
وبعبارة أخرى الامر دائر في المقام بين أمور أحدها تكذيب البينة المتقدمة بالنسبة إلى زمان حدوثها فيلزمها عدم الاخذ بها بالنسبة إلى البقاء أيضا لعدم تعقل التفكيك بينهما ثانيها تكذيب المتأخرة بالنسبة إلى زمان حدوثها فيلزمه طرحها رأسها. ثالثها عدم الاخذ بالبينة المتقدمة بالنسبة إلى بقائها من جهة الحكم باستنادها فيه إلى الاستصحاب والاخذ بالبينة المتأخرة من حيث كونها رافعة لبقاء البينة المتقدمة ولو بعد الحمل فلا يلزم طرح أصلا ومعلوم ان الأخير أولى من الأولين فهو المتعين هذا ملخص ما ذكره دام ظله في المقام وقد عرفت في طي كلماتنا السابقة ما يمكن أن يورد عليه فراجع إليه.
ثم إنه ذكر دام ظله كلاما على ما ذكروه من الحكم بالتساقط بقول مطلق والرجوع إلى الأصل بضميمة البينة حتى في صورة العلم باستناد المتقدمة في الشهادة على البقاء إلى الاستصحاب على ما صرح به ثاني الشهيدين رحمه الله من شمول محل الكلام له أيضا وان حكمهم بالتساقط والرجوع إلى البينة المتقدمة بالنسبة إلى الزمان المقدم يشمله قطعا.
وهو انه بعد العلم باستناد البينة المتقدمة إلى الاستصحاب والحكم بتساقطهما مع البينة المتأخرة في مورد التعارض لم يكن معنى للحكم برجوع الحاكم إلى استصحاب مقتضى البينة المتقدمة بالنسبة إلى الزمان الأول وإن فرض القول به في غير الصورة لأن المفروض ان بقاء المشهود به في الزمان الثاني في اعتقاد الشاهد إنما