فإن قلت لو كان ما ذكرت من عدم كفاية الشهادة على الزمان السابق ولو بضميمة استصحاب الحاكم صحيحا لما كان فرق بين الشهادة على الملكية السابقة أو الأسباب كالاقتراض والدين والنكاح ونحوها في دعوى الاشتغال الفعلي والزوجية الفعلية وغيرهما لان نفس الشهادة على السبب في الزمان السابق لا يقتضي الحكم بوجود المسبب في الزمان اللاحق مع احتمال ارتفاعه إلا بضميمة استصحاب الحاكم مع أن بنائهم على القضاء بالشهادة على السبب في الزمان السابق وإن لم يتعرض الشاهد للحال أصلا.
قلت الفرق بين المقامين مما لا يكاد أن يخفى على الأوائل فضلا عن الأواخر لان الشهادة على سبب الاشتغال أو غيره في زمان تقتضي بنفسها بطلان انكار المنكر ورفع الأصل الذي اعتمد عليه في انكاره والتزامه بمقتضاه بحيث لا يرفع اليد عنه إلا بدعوى خروجه عنه فينقلب مدعيا والمدعي منكرا فما لم يدع الخروج عن مقتضى السبب يلزمه الحاكم على مقتضاه وإن لم يشهد الشاهد بالمسبب في الحال أصلا بل ولو لم يتعرض لما يدل على شكه فيه في الحال بل ولو قطعنا بعلمه بزوال المسبب في الحالة الثانية وهذا بخلاف المقام فإن الشهادة على نفس الملكية في زمان سابق لا تلزم شيئا على منكره إلا بضميمة الاستصحاب فيرجع إلى ابطال الانكار بالاستصحاب لا بالبينة.
والحاصل ان نفس الشهادة في الزمان السابق قد توجب التزاما على المنكر وابطال انكاره بحيث لا يحتاج إلى شهادة الشاهد بالنسبة إلى الزمان اللاحق أصلا بل ولو كان معتقد الخلاف ما يقضى به في الزمان اللاحق وقد لا توجب نفس الشهادة في الزمان السابق إلزاما على المنكر أصلا بحيث لا تنفع المدعي في ابطال انكار خصمه إلا بضميمة الشهادة على الحال ولو بالاستصحاب على القول بجواز الاتكال عليه في الشهادة وسماع الشهادة المستندة إليه حسب ما هو المفروض.
فإن كانت من القسم الأول فلا إشكال في جواز القضاء بها وإن كان الشاهد في الزمان اللاحق قاطعا بخلاف ما شهد في الزمان السابق لأنه بشهادته في الزمان الأول قد أبطل انكار المنكر وامتناعه فالقضاء بها قضاء بالبينة ورفع للخصومة بها ومن هنا نقول إنه تسمع دعوى المدعي السبب من دون الاحتياج إلى انضمام دعوى المسبب إليها حسب ما عليه جماعة لأنها دعوى ملزمة مسموعة فالاقتصار بها كاف في اثبات المدعى من غير الاحتياج إلى انضمام دعواه.
وإن كانت من القسم الثاني فلا يجوز القضاء بها لأن المفروض انها بمجرد التحقق في الزمان السابق لم تلزم شيئا على الخصم فالقضاء عليه في الزمان اللاحق وابطال انكاره لا بد أن يكون بالاستصحاب من الحاكم وقد عرفت غير مرة ان ابطال الانكار بالأصل مما لا يجوز قطعا.
فإن قلت المحذور اللازم من القضاء بالشهادة في الزمان السابق في القسم الثاني بعينه يلزم من القضاء بها في القسم الأول أيضا لأن المفروض ان المدعى هو الاشتغال في الزمان اللاحق مثلا والشهادة على وجود سببه في الزمان السابق غير منطبقة عليه فيرجع القضاء بالآخرة إلى القضاء بالاستصحاب من الحاكم وبعبارة أخرى الشهادة بالسبب والمقتضى في زمان لا تثبت وجود المسبب في زمان لاحق عليه مع الشك في وجود الرافع للمقتضي والمسبب فيه إلا بضميمة الاستصحاب فيرجع الامر بالآخرة إلى القضاء به وهو المحذور اللازم في القسم الثاني.
قلت لسنا ندعي انه لا يجوز للحاكم بضميمة الأصل أصلا وكيف وكثيرا ما يحتاج إليها بل المدعى والمحذور اللازم في القسم الثاني هو لزوم ابطال امتناع الخصم وقوله بالأصل ومعلوم ان هذا غير لازم في القسم