ولكن الحقيقة هي خلاف هذا التوجيه، فان عمر - على ما يظهر - كان يذهب إلى أبعد من ذلك، فهو يقول: إن الله سوف لا يدع قاتل حمزة، بل سوف يلاحقه في كل مكان لينتقم منه بصورة مباشرة، وسوف لا يدعه وشأنه، ولن يفسح له المجال لاصلاح نفسه، ولعمل الخير، وملازمة التقوى.
اذن، فشرب وحشي للخمر هو نتيجة لهذا التصميم الإلهي على الانتقام من هذا الرجل. ومعنى ذلك هو أن شربه للخمر كان من فعل الله سبحانه، ووحشي كان مجبورا على ذلك.
نقول هذا لان لدينا الكثير من الدلائل والشواهد على أن عمر كان لا يزال يعتقد بالجبر الإلهي، وأن جهود النبي (ص) لم تفلح في قلع هذه الرواسب من نفسه، ونفوس الكثيرين ممن كانوا قد عاشوا في الجاهلية، وتربوا على مفاهيمها وأفكارها. وقد ذكرنا طائفة من النصوص والمصادر لهذا الموضوع في كتابنا: (أهل البيت في آية التطهير، أواخر الفصل الخامس من القسم الأول).
والذي نعتقده وهدانا إليه القرآن والاسلام والعقل، هو أن الله تعالى لم يكن ليجبر عباده على شئ، وانما هم يعصون ويطيعون بملء ء اختيارهم. ولينا هنا بصدد تحقيق ذلك.
الثاني: ان وحشيا قد أسلم، لان من عادة النبي (صلى الله عليه وآله) أن لا يقتل أصحابه، كما أنه لما طلب عمر من النبي (ص) أن يقتل ابن أبي المنافق، أجابه (ص): دعه، لا يتحدث الناس: أن محمدا يقتل أصحابه (1).