رجالها للحرب، ورفعت الحارثية لواءهم الذي كان ملقى على الأرض، فعادوا إلى الحرب من جديد.
وإذا كان المسلمون قد تفرقوا، وانتقضت صفوفهم، ولم يعودوا صفا واحدا كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا، وفقدوا الارتباط بقيادتهم الحكيمة، وهم في طلب المغنم، فمن الطبيعي أن لا يتمكنوا من مقاومة هذه الضارية، وأن يضيعوا بين أعدائهم، فكان هم كل واحد منهم أن ينجو بنفسه فقد - أهمتهم أنفسهم - على حد تعبير القرآن الكريم.
لا سيما وأن أحد المشركين قد قصد مصعب بن عمير وهو يذب عن رسول الله، فظن أنه الرسول فقتله، (فيقال: ان اللواء كان معه، فأخذه أبو الروم.
ويقال: بل أخذه ملك في صورة مصعب. والذي عليه المحققون:
أن النبي (ص) أعطاه عليا (ع)، وقد قدمنا أن الظاهر هو أن هذا اللواء خاص، وليس هو لواء الجيش، الذي كان مع علي (ع). ونادى قاتل مصعب - أو غيره -: أن محمدا قد قتل، فازداد المشركون جرأة، وهزم المسلمون الذين، لم يستطيعوا جمع شملهم، ولم شعثهم. وثبت علي (ع) وحده معه (ص)، يدافع عنه.
وخلص العدو إلى رسول الله (ص)، وكلمت شفته، وشج في وجهه، ونشبت حلقتان من الدرع في وجهه الشريف، ودث بالحجارة، حتى وقع لشقه. كذا يقولون.
ويقولون أيضا: ان أبا عبيدة هو الذي انتزع حلقتي الدرع من وجهه الشريف فسقطت ثنيتاه، فكان أحسن الناس همتا. وقيل: بل انتزعهما أبو بكر، وقيل: طلحة، وقيل: عقبة بن وهب (1).