وربما يكون الخطر في ذلك أعظم مما لو اصطحبهم معه في الحرب، لان ذلك يفسح المجال لهم للتآمر، من دون أن يكون ثمة من يستطيع دفع كيدهم، ورد بغيهم.
وما قضية تبوك الا الدليل القاطع على ما نقول، حيث اضطر الرسول الأعظم (ص) إلى ابقاء خليفته ووصيه، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى في المدينة، حينما شعر أن تخلف المنافقين عن الخروج إلى تبوك يحمل في طياته أخطارا جساما، لا يمكن لاحد مواجهتها الا النبي (ص)، أو أخوه علي (عليه السلام).
وقد رجح (ص) هذا على ذاك ليرد كيدهم، ويفشل مؤامراتهم، ولأجل ذلك كان يخرجهم معه إلى الحرب.
2 - ثم إن النفاق قد لا يتخذ صفة العنف، بل يظهر المنافق الاسلام حفاظا على مصالحه، أو لأسباب خاصة أخرى، مع عدم ابائه عن الدخول فيه، وتقبله طبيعيا له، فهو لا يهتم بهدم الاسلام والكيد له. فتبرز الحاجة - والحالة هذه - إلى اعطائهم الفرصة للتعرف أكثر فأكثر على تعاليم الاسلام وأهدافه، ولكي يعيشوا أجواءه من الداخل، وليكتشفوا ما أمكنهم من أسرار عظمته وأصالته، فتلين له قلوبهم، وتخضع له عقولهم. ولا أقل من أن أبناءهم، ومن يرتبط بهم، يصبح أقدر على ملامسة واقع المسلمين، والتفاعل مع تعاليم الاسلام ما دام أنه يعيشها بنفسه، وتقع تحت سمعه وبصره.
وهذا بالذات ما كان يهدف إليه الاسلام من التالف على الاسلام، واعطاء الأموال والاقطاع، وحتى المناصب والقيادات لمن عرفوا ب (المؤلفة قلوبهم)، بالإضافة إلى ما كان يهدف إليه من دفع كيدهم وشرهم.
وما تقدم يفسر لنا السبب الذي جعل رسول الله (ص) كان يقبل