أكثر، وقد يألف الانسان بقعة من المسجد ويتضرر بفواتها كتضرره بفوات المتعاملين.
قلت: لا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت سابقا من أن أحدا من أصحابنا لم يقل بذلك فضلا عن أن يكون هو المشهور كما هو مقتضى كلامه حتى يحتاج إلى الفرق المزبور، والنظر المذكور مع أن فيه ما فيه إنما ذكر ذلك الجويني كما عرفت الكلام فيه سابقا.
وكذا الكلام في قوله متصلا بما سمعت: " وظاهر الأصحاب عدم الفرق هنا بين من يألف بقعة ليقرأ عليه القرآن ويتعلم من الفقه ونحو ذلك وغيره، لعموم قوله تعالى (1): " سواء العاكف فيه والباد " وفرق بعضهم فأوجب أولوية المذكورين، كمقاعد الأسواق خصوصا في الجوامع الكبيرة، لأن له غرضا في ذلك الموضع ليألفه الناس " فإنه لم نجد الفرق المزبور لأحد من أصحابنا، وإنما هو لبعض الشافعية الذين يناسب أصولهم الاعتبارات المزبورة.
وأغرب من ذلك قوله متصلا بما سمعت: " وإن كان قيامه لضرورة لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة وقضاء حاجة ففي بطلان حقه وجهان: أحدهما - وهو الذي قطع به المصنف - عدم البطلان، لمكان الضرورة واحتج له في التذكرة بقول النبي (صلى الله عليه وآله) (2): " إذا قام " إلى آخره. وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) (3): " سوق " إلى آخره. ويشكل مع قطع النظر عن السند بأنه أعم من المدعى وأنتم لا تقولون به على العموم، والمخصص لهما مع عدم الضرورة مخصص