عليه، نعم ستسمع في الطرف الثاني حكاية المصنف عن بعض فقهاء عصره أن التحجير إحياء، ويأتي البحث فيه إنشاء تعالى.
وعلى كل حال فهو غير مناف لتحصيل الاجماع على عدم تملك المحجر بالاحياء لغير المحجر، نعم يحكى عن جامع الشرائع أنه قال: " يملك الآخر، ويكون قد أساء " ولم أتحقق ذلك.
وكيف كان فلم نجد في شئ مما وصل إلينا من النصوص هذا اللفظ فضلا عما ذكروه في تفسير، وإنما الموجود في خبر سمرة بن جندب (1) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " من أحاط حائطا على أرض فهي له " ومقتضاه الملك به، وكما تسمعه من ابن نما، إلا أن يحمل على أرض يتحقق إحياؤها بذلك أو يراد من اللام ولو بقرينة الشهرة أو الاجماع الأحقية المزبورة لا الملك.
وربما يستفاد الأحقية به من صدق حيازة المباح به وإن كان لا يملك إلا بالاحياء، ومن أنه سبق إليه نحو السبق إلى الوقف والسوق والمسجد ونحوها، وفي حديث أبي داود المروي من طرق العامة (2) وفي الاسعاد أنه صححه الصابي " من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له " وفي بعض كتب الأصحاب رواية " فهو أحق به " (3).
ولكن مع ذلك كله فالانصاف أن العمدة الاجماع المزبور، وإلا فما في التذكرة والمسالك وبعض كتب الشافعية - من الاستدلال عليه بأنه إذا أفاد الاحياء ملكا فلا بد أن يفيد التحجير الذي هو الشروع فيه أولوية نحو البيع والاستيام - كما ترى، ضرورة عدم الملازمة، مع احتمال أن التحجير أعم من الشروع فيه وإن فسره به في القواعد والمسالك وغيرهما.