بل في المدارك نسبته إلى الأكثر، لحرمة الطيب للمحرم ابتداء واستدامة، ولقول الصادق (عليه السلام) في حسن الحلبي وصحيحه (1): (لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل) وخبر علي بن أبي حمزة (2) (سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم فقال: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك، ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل) خلافا للمحكي عن الجمل والعقود والوسيلة والمهذب من الكراهة، لجوازه ما دام محلا، غايته وجوب الإزالة فورا بعد الاحرام، وهو كالاجتهاد في مقابلة النص.
نعم لا بأس بغير المطيب قبل الاحرام، بل عن التذكرة الاجماع عليه، بل ولا به إذا لم تبق رائحته للأصل والنصوص، بل ظاهرها كالفتاوى عدم الفرق بين ما تبقى عينه وغيره، فما عن بعضهم من احتمال المنع في الأول قياسا على المطيب واضح الضعف، ثم لا يخفى عليك أن تحريم الادهان بالمطيب الذي يبقى أثره إنما يتحقق مع وجوب الاحرام وتضيق وقته، وإلا لم يكن الادهان محرما وإن حرم انشاء الاحرام قبل زوال أثره كما هو واضح.
(وكذا) لا يجوز للمحرم الادهان ب (ما ليس بمطيب) من الدهن (اختيارا بعد الاحرام) وفاقا للمشهور، بل عن ظاهر الخلاف الاجماع عليه، لما سمعته من النهي عنه في النصوص المزبورة، مضافا إلى ما تقدم سابقا من قول الصادق (عليه السلام) في حسن معاوية (3): (لا تمس شيئا من الطيب وأنت