نعم، ذكر طرق الإجازة على وجه الاختلاف بالنسبة إلى القطعات بعيد أيضا، مع فرض كون الطرق طرق مجموع كتاب القدر المشترك، لكن مناسبة الأبواب للقطعات توجب ظهور كون اختلاف الأسانيد من جهة اختلاف طرق الإجازة، لا تفريق الرواية.
لكنك خبير بأن غاية ما يتمشى من ذلك أن الشيخ كان يأخذ من الكتاب، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون الأخذ من كتاب صدر المذكور حتى يكون رجال الطرق من باب مشايخ الإجازة ولا يلزم نقد الطرق، بل يمكن أن يكون أخذ الرواية من كتاب بعض المحذوفين، إما الأوائل أو الأواسط أو الأواخر، فيلزم نقد البعض، وكذا نقد من تقدم على البعض دون من تأخر عنه أعني من توسط بين الشيخ والبعض، فلا يثبت عدم لزوم النقد بالكلية كما هو المقصود، بل يلزم نقد جميع رجال الطرق؛ لعدم الاطلاع على حقيقة الحال.
نعم، لو وقع الاطلاع على حقيقة الحال، ينحصر لزوم النقد فيمن أخذ عن كتابه ومن تقدم عليه.
وقد يقال: إنه يشهد على كون أخبار التهذيب والاستبصار مأخوذة من الكتب تكرار الشيخ للمتن الواحد بأسانيد مختلفة، بعضها واضح الصحة، وبعضها واضح الضعف خصوصا الاستبصار.
أقول: إنه إن كان المقصود تعدد الأسانيد، أي تعدد المذكورين بتعدد الرواة عن المعصوم، فلا امتساس له بالدلالة على كون روايات التهذيبين مأخوذة من الكتب فضلا عن كتب صدور المذكورين، وإن كان المقصود تعدد الأسانيد مع الاشتراك في الراوي عن المعصوم، أو مع الراوي عن الراوي نظير ما مر في المقالة السابقة - كما هو الظاهر بل بلا إشكال - فيتأتى فيه الإشكال بما تقدم الإشكال به على المقالة السابقة، مضافا إلى أنه ليس حمل تعدد السند على تعدد سند الرواية أولى من الحمل على تعدد طريق الإجازة.