وأنت خبير بصراحة العبارتين في كون الأخبار مأخوذة من كتب صدور المذكورين، مع أن الشيخ ذكر في كل من التهذيب والاستبصار في عداد طرقه الطريق إلى كل من الكليني والصدوق ووالده، (1) ولا شك في أن الشيخ أخذ الروايات المروية عن هؤلاء عن كتبهم، فالوسائط مشايخ الإجازة، على أن مقتضى ما يأتي من عبارة التهذيب والاستبصار أن المدار في طرقهما على ما ذكرهما الشيخ في الفهرست، وهو إنما يأتي في الفهرست بعنوان صاحب الكتاب، ويحكي الأخبار عن جماعة في جانب الطول.
والظاهر - بل بلا إشكال - أن الغرض الإخبار على وجه الإجازة لا الإسناد.
والذي يختلج بالبال في الحال أن يقال: إنه قد تكرر وتكثر من الشيخ في التهذيب الرواية عن الشيخ المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، فكل من الأولين من باب مشايخ الإجازة؛ لوضوح تواتر الكافي، وكون الخبر مأخوذا منه، فالكليني مبدأ الاسناد، بل الابتداء بالشيخ المفيد رواية عن غير ابن قولويه غير عزيز أيضا في أوائل التهذيب.
وما ذكر ينافي ما تقدم من مشيخة التهذيب من أن الروايات مأخوذة من كتب صدور المذكورين، ففي صورة حذف الطريق يتطرق في كل من المحذوفين والمذكورين احتمال كونه مبدأ الإسناد، فلابد من نقد المحذوفين والفحص عن حالهم، كيف لا وما ذكر نتيجة التخلف عن الدعوى الواحدة، وقد ذكر في باب وجوب نقد أخبار الكتب الأربعة أن الصدوق تعهد أن لا يروي إلا ما يفتي به، ولا يذكر المعارض للرواية، (2) وقد تخلف عن العهد الأخير بعد مضي شطر من الكتاب، فهو يوجب الوهن في العهد الأول، وإن أمكن القدح فيه بأن الأمر من قبيل العام المخصص، وكذا عدم اعتبار بعض أجزاء النص، فالتخلف عن العهد