وربما يظهر من ذلك أن الصدوق أضبط من الكليني والشيخ، فلو وقع التعارض بين رواية الصدوق ورواية الكليني أو الشيخ فالترجيح مع رواية الصدوق.
قال في المنتقى: ولو لا ضبط الصدوق (رحمه الله) وحرصه على حفظ اتصال الحديث، لكاد أن يضيع بصنع الجماعة. (1) وقد حكم المحقق الشيخ محمد في حاشية التهذيب نقلا بأن رواية الصدوق قد ترجح على رواية الشيخ الطوسي؛ تعليلا بأن الصدوق أثبت في النقل؛ إذ تجويز العجلة في نقل الشيخ ظاهر كما يعلم من مواضع.
لكن لا مجال للإشكال في رجحان رواية الصدوق بحسب السند على رواية الشيخ؛ لما سمعت من أن الظاهر أنه لم يقع مثل ما وقع من الشيخ في باب الأسانيد من غير الشيخ في فن من الفنون، بل قد ظهر فيما سمعت أنه يمكن ترجيح رواية الصدوق على رواية الكليني الراجح روايته على رواية الشيخ. وأما بحسب المتن فلا يخلو ترجيح رواية الصدوق على رواية الشيخ عن الوجه؛ لتطرق الوهن في ضبط المتن بكثرة اختلال السند وعدم الضبط فيه.
وقد حكى السيد السند النجفي عن بعض الأصحاب ترجيح أحاديث الفقيه على غيره من الكتب الأربعة نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبته في الرواية، وتأخر كتابه عن الكافي وضمانه فيه لصحة ما يورده، وأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، وإنما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة بينه وبين ربه (2) وبهذا الاعتبار، قيل: إن مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير