عليه ما يترتب على هذا العنوان، كما لا يخفى.
ثم لا يخفى أن التقسيم إلى النفسي والغيري ليس تقسيما للواجب بمعنى كون الوجوب أمرا جامعا بينهما، كيف وقد عرفت أن الحروف بتمامها يكون الوضع فيها عاما والموضوع له خاصا، فكيف يمكن أن يكون مدلول الهيئة أمرا جامعا بين القسمين؟! بل التقسيم لأجل اختلاف الداعي، بمعنى أن الداعي إلى البعث إلى شئ قد يكون للتوصل إلى شئ آخر وقد لا يكون، وإلا فالبعث أمر واحد لا يختلف في القسمين أصلا، كما هو الشأن في الوجوب والاستحباب، فإنهما ليسا من أقسام الطلب والبعث بمعنى أن يكون البعث على نحوين، بل البعث الصادر عن إرادة حتمية يقال له: الوجوب، كما أن البعث الصادر عن إرادة غير حتمية يقال له: الاستحباب، فتأمل جيدا.
ثم إن بعض الأعاظم من المعاصرين ذكر فيما لو شك في واجب أنه نفسي أو غيري ما ملخصه بالنسبة إلى الأصل اللفظي أنه لما كان الواجب الغيري وجوبه مترشحا عن وجوب الغير، كان وجوبه مشروطا بوجوب الغير، كما أن نفس غير الواجب يكون وجوده مشروطا بنفس الواجب الغيري، فيكون وجوب الغير من المقدمات الوجوبية للواجب الغيري، ووجود الواجب الغيري من المقدمات الوجودية لنفس ذلك الغير.
مثلا: يكون وجوب الوضوء مشروطا بوجوب الصلاة، وتكون نفس الصلاة مشروطة بوجود الوضوء، وحينئذ يكون مرجع الشك في النفسية والغيرية إلى شكين: أحدهما: الشك في تقييد وجوبه بوجوب الغير، وثانيهما: الشك في تقييد مادة الغير به.
إذا عرفت ذلك، فنقول: إن هناك إطلاقا في كلا طرفي الغير والواجب الغيري، كما إذا كان دليل الصلاة مطلقا لم يأخذ الوضوء قيدا لها، ودليل إيجاب