صورة مخالفة الامرين لعقوبتين، ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد، ولذا كان سيدنا الأستاذ (قدس سره) (1) لا يلتزم به - على ما هو ببالي - وكنا نورد به على الترتب، وكان بصدد تصحيحه، فقد ظهر أنه لا وجه لصحة العبادة، مع مضادتها لما هو أهم منها، إلا ملاك الامر.
نعم فيما إذا كانت موسعة، وكانت مزاحمة بالأهم ببعض الوقت، لا في تمامه، يمكن أن يقال: إنه حيث كان الامر بها على حاله، وإن صارت مضيقة بخروج ما زاحمه الأهم من أفرادها من تحتها، أمكن أن يؤتى بما زوحم منها بداعي ذاك الامر، فإنه وإن كان خارجا عن تحتها بما هي مأمور بها، إلا أنه لما كان وافيا بغرضها كالباقي تحتها، كان عقلا مثله في الاتيان به في مقام الامتثال، والاتيان به بداعي ذاك الامر، بلا تفاوت في نظره بينهما أصلا.
ودعوى أن الامر لا يكاد يدعو إلا إلى ما هو من أفراد الطبيعة المأمور بها، وما زوحم منها بالأهم، وإن كان من أفراد الطبيعة، لكنه ليس من أفرادها بما هي مأمور بها، فاسدة، فإنه إنما يوجب ذلك، إذا كان خروجه عنها بما هي كذلك تخصيصا لا مزاحمة، فإنه معها وإن كان لا تعمه الطبيعة المأمور بها، إلا أنه ليس لقصور فيه، بل لعدم إمكان تعلق الامر بما تعمه عقلا، وعلى كل حال، فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال وإطاعة الامر بها، بين هذا الفرد وسائر الافراد أصلا.